ولأجل هذا التنازع استدل أبو محمد على أن لا جمعة على المرأة بقوله - صلى الله عليه وسلم - «صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في صحن دارها وصلاتها في دارها أفضل لها من صلاتها في مسجد جماعة» (¬1) . واستدل على أن لا جمعة على العبد بإشارة قوله تعالى: { وذروا البيع } (¬2) لأنه خطاب لأهل الأمصار، والعبد ليس منهم، ولأن العبد لا بيع له، والخطاب متوجه لمن له أن يبيع (¬3) ، وتابعه على هذا الاستدلال الشيخ إسماعيل في قواعده (¬4) والشيخ عامر في إيضاحه (¬5) . ولذلك أيضا ركن الإمام الكدمي -رضوان الله عليه- في الاستدلال على سقوط الجمعة عن العبيد إلى القياس، فقاس الجمعة بالحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بجامع أن كل واحد من هذه العبادات ينتقل من حال إلى حال، أي تارة يلزم هذا وتارة يلزم هذا. قال: "والعبادات المنتقلة لا تلزم العبيد وإنما تلزم الأحرار" (¬6) . وغاية الأمر أن الروايات في سقوط الجمعة عن المرأة والعبيد متناصرة يؤيد بعضها بعضا، والقياس الذي صرح به الكدمي -رحمه الله تعالى- مؤيد لصحتها. وقد استدل صاحب القواعد (¬7)
¬__________
(¬1) - ... رواه أبو داود وسكت عنه، ولفظه: عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال«صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها». سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، 01/134.
(¬2) - ... آية الجمعة.
(¬3) - ... السليمي: الجامع، 01/566.
(¬4) - ... الجيطالي: قواعد الإسلام، 01/357.
(¬5) - ... الشماخي: الإيضاح، ج1، ص600.
(¬6) - ... انظر؛ الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، 01/259.
(¬7) - ... الجيطالي: قواعد الإسلام، 01/357..
Página 58