ووجه كونه محالا عندنا هو أن يكون الفعل نفسه مطلوبا ممن لا يقدر على فعله، لا أن يكون المطلوب اختبار المكلف هل يتهيأ للامتثال فيثاب، أو لا فيعاقب، فإنه إذا كان المطلوب الاختبار المذكور فلا خلاف في جواز التكليف بما لا يطاق بهذا المعنى، لأنه لم يكن تكليفا بما لا يطاق، والمحال عندنا إنما هو التكليف بما لا يطاق، فبهذا تعرف أنه لا مخالفة بين ما ذكره القطب في ذهبه (¬1) وما ذكرته في المشارق (¬2) من تجويز ذلك، وبين ما صرح به الأصحاب (¬3) من المنع، وقد تكون القدرة شرطا خاصا فيسقط بعدمها فرض الجمعة والجماعة، وسنذكرها فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
[الشروط الخاصة]:
وأما الشروط الخاصة بها فهي الذكورية والحرية والإقامة والصحة، فلا تجب صلاة الجمعة على امرأة ولا على عبد ولا على مسافر ولا على مريض، لقوله - صلى الله عليه وسلم - «الجمعة واجبة على كل محتلم سمع النداء في جماعة إلا عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض أو مسافر» (¬4) .
فأما المرأة والمريض فلا خلاف بين أحد من الأمة أنه لا تجب عليهما صلاة الجمعة، ويدخل تحت المريض أعمى العينين إذا لم يهتد إلى حضور الجمعة ولم يجد قائدا فإن اهتدى بنفسه وجب عليه حضورها، لأن العلة التي لأجلها سقط عنه فرض الجمعة إنما هي عدم الاهتداء إلى حضورها وهي ثمرة العمى، وليست العلة نفس العمى إذا لم يترتب عليه عدم اهتداء، وإن لم يهتد بنفسه لكن وجد إليها قائدا فيخرج في وجوبها عليه قولان، وهي مسألة القادر بقدرة غيره (¬5) ، والله أعلم.
¬__________
(¬1) - ... اطفيش: الذهب الخالص، ص05.
(¬2) - ... السالمي: المشارق، باب المحكم والمتشابه، 02/83.
(¬3) - ... لم أهتد إليه.
(¬4) - ... تقدم تخريجه. انظر الفهارس.
(¬5) - ... انظر مثلا؛ ابن عابدين: حاشية رد المحتار، 01/656.
Página 55