و«الفار» هو لقب ابن عبدوس.
ومما يحكى عن ولادة أنها مرت يوما بدار ابن عبدوس وهو جالس بالباب وحوله جماعته من أصحابه، وأمامه بكرة تتولد من مراحيض وأقذار، فوقفت عليه وقالت:
أنت الخصيب وهذه مصر
فتدفقا فكلاكما بحر
فلم يحر جوابا، فمضت وحفظت هذه النادرة واشتغل بها الناس. وهذا البيت لأبي نواس، قاله عندما جاء مصر يمدح واليها فتمثلت به ونقلته هذا النقل الحسن من المدح إلى الهجاء.
ودامت على ولاء ابن زيدون أكثر مدة إقامته بقرطبة، فلما فر إلى إشبيلية تودد إليها ابن عبدوس، فاتصل بينهما وداد ربما قد بلغ درجة الحب. وكان ابن عبدوس قبل فرار ابن زيدون يسعى في استمالتها إليه، فلم يكن يقدر على ذلك. وبلغ خبر سعيه هذا مسامع ابن زيدون، فألف رسالة إليه على لسان ولادة، قرعه فيها وتهكم به، حتى صار يحفظها الناس لبلاغتها وقوة لذعها. وهي مشهورة تعرف باسم: «رسالة ابن زيدون» وهي مطبوعة في كتاب على حدة، مشروحة بقلم ابن نباتة المصري.
ولابن زيدون قصيدة عصماء شهيرة نظمها في ولادة، يتشوق إليها بعد فراره إلى إشبيلية، ويذكر لها ما يعانيه من فراقها ويأسه من لقائها، ويستديم عهدها، وقال فيها:
أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
Página desconocida