حصوننا مهددة من داخلها
حصوننا مهددة من داخلها
Editorial
مؤسسة الرسالة
Número de edición
الثامنة
Año de publicación
١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
وعن النافع المثمر إلى التافه الغث، فتخلق أمزجة فاسدة باردة لا تجد لذة ومتاعًا إلّا في الساقط من القول واللهو من الحديث. من الواضح أن الدولة التي تنفق أموالها وتستهلك جهودها وقواها في إنشاء المدارس وفي إعداد القائمين عليها وفي إحكام نظمها وبرامجها وألوان النشاط فيها، ثم تسهو بعد ذلك عن هذه القوى الخطيرة التي تشاركها في هذا الميدان، فتترك سبلها ومنافذها مفتوحة لشهوات المأجورين والمخدوعين ومطايا الشياطين من الفاسدين والفسدين، تفعل ذلك تقديسًا للوهم الذي أقامته الثورة الفرنسية اليهودية وزخرفت له اسمًا خداعًا خلابًا فسمته "حرية الرأي" أو "حرية النشر" أو "حرية الفرد"، وما هو في حقيقة الأمر إلّا وسيلة اليهودية العالمية لإِفساد الجماعات وهدم كل الأديان، حتى يتمكنوا من السيطرة عليها جميعًا بعد أن يقضوا عليها قضاء مبرمًا (١). إن الدولة التي تفعل هذا هي كالنافخ في قِرْبةٍ مقطوعة، أو الجابي في حوضٍ مثقوب.
وقد أُنشئت وفي مصر وزارة للإِرشاد القومي نرجو أن يكتب لها التوفيق فيما تنهض به من عبء ليس بالهين ولا بالقليل. وواضح من اسم الوزارة أن
_________
(١) أكثر الناس يجهلون أن شعار الثورة الفرنسية اليهودية: "الحرية والإِخاء والمساواة" هو من وضع مجمع بوردو الماسوني. وهو شعار لم يخدم إلّا الأقلية اليهودية. إذ سمح لسماسرتها بنشر الفساد، وأعانها على هدم سلطة الكنيسة وتقويض كل القيم، باسم الحرية. وحماها في الوقت نفسه من تعصب المسيحيين على الأقلية اليهودية التي تستأثر بالسلطة عن طريق المال، باسم الإِخاء والمساواة. ومن أعجب ما يخضع له الناس من أوهام، مما روجه اليهود، تسمية الصحافة. "صاحبة الجلالة". وإحاطتها بهالة من القداسة تسمح لأي مدسوس على قومه، أو فاسق مريض القلب واللسان، أن يلفق من الأضاليل ما يريد وما يراد له، وأن يدسها على عقول السذج من الأحداث والأغرار، والحمقى من ضعاف العقول، باسم العلم والثقافة والحرية والتمدن، ما دام قادرًا على تأثيث دار للصحافة، بماله أو بمال غيره. وسيطرة التنظيمات اليهودية على الصحافة العالمية وعلى وسائل النشر ووكالات الأنباء مشهورة معروفة. فرواج هذا الوهم بين الناس باسم "حرية الرأي" هو أكبر ما يمكن للدعاية اليهودية ويدعم سلطانها، حتى يصبح سوطًا يلهب ظهر كل حر، ومقراضًا يقطع عرض كل ذي خلق أو دين؛ ويجعله سخرية الساخرين وأضحوكة اللاهين، في الوقت الذي يمكِّن فيه للمفسدين والفارغين من الظهور، حتى يصبحوا ملء العيون والآذان، فلا يرى الناس إلّا صورهم ولا يسمعون إلّا أصواتهم، ولا يصبحون ويمسون إلّا في أخبارهم وأقوالهم.
1 / 44