Heródoto: Una Introducción Muy Corta
هيرودوت: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
مبدأ الأخلاقية؛ ما ينطوي على تعليم الأخلاق. (4)
مبدأ البراجماتية؛ ما هو مفيد فيما يخص المشكلات الحالية. (5)
مبدأ الجوهرية؛ ما يشكل «الميول الرئيسة» أو «الطبيعة الجوهرية» للموضوع. (6)
مبدأ الموسوعية؛ ما هو أقرب إلى التعبير عن الحقيقة الكاملة عنه. (7)
مبدأ الموسوعية المعدلة؛ ما ينظم بشكل أفضل كل الشواهد المتاحة المتصلة بالموضوع.
يا إلهي! لقد كان هيرودوت ببساطة رجلا يتمتع بطاقة هائلة؛ فهو يفي بكل معيار من هذه المعايير. فالقصص الساحرة (1)، والعادات الغريبة والعجائب التي تستحق التسجيل (2)، وعواقب الكبرياء والشطط (3)، وأخطار الإمبريالية (4)، وهشاشة الازدهار وما يلازم ذلك من تحرك نحو التوازن والتبادلية (5)، والخيوط الكثيرة التي تدخل في صنع بساط التاريخ الهائل (6)، ونسج تلك الخيوط لتكوين أنماط وموضوعات وأفكار تحكي قصة متلاحمة (7)؛ كلها نجدها في «تاريخ هيرودوت». وهناك المزيد؛ لأن الإله دائما موجود يحوم في الخلفية، والناس يتخذون أحيانا قرارات سليمة وأحيانا أخرى قرارات خاطئة، لكن سيطرتهم على حياتهم محدودة. انظر إلى الريح العاتية والأمطار الغزيرة اللتين قوضتا الأسطول الفارسي بالقرب من أرتميسيوم، وهي عاصفة يعزوها هيرودوت إلى المشيئة الإلهية، أو انظر إلى القوة الإلهية التي كانت وراء الأنباء غير المؤكدة التي بلغت الإغريق عن النصر في بلاتايا وهم مقبلون على الاشتباك مع القوات الفارسية في ميكالي، وتأمل الفرس الذين غرقوا في بوتيديا إذ انتقم منهم بوسيدون لانتهاك معبده.
شكل 8-3: طرح ريزارد كابوشنسكي في كتابه «أسفار مع هيرودوت» رؤية متكاملة للحرب والعجائب والحالة الإنسانية.
3
بلغ «تاريخ هيرودوت» متعدد الأوجه هدفه المعلن المتمثل في تخليد ذكرى الماضي؛ في تنظيم كمية بيانات متنوعة تنوعا هائلا في صيغة مكتوبة لضمان بقاء كثير من الموروثات السماعية المهددة بالاندثار، وليس هذا فحسب؛ ففي حين ابتكر ثوسيديديس أفرودة الحرب ذات التركيز الضيق، ابتكر هيرودوت جنسا أدبيا هو التاريخ الاجتماعي والفكري الشامل. وقد نجح عمله في اختبار الزمن، حيث شهد «تاريخ هيرودوت» طلبا كثيفا عليه إبان عصر النهضة، فظهرت في أوروبا 44 طبعة وترجمة من «تاريخ هيرودوت» بين عامي 1450 و1700. وعلى الرغم من أن إثنوجرافياته أثارت الاستغراب في حياته وعلى مدى قرون كثيرة بعد موته على السواء، عملت اكتشافات المستكشفين في العالم الجديد في القرن السادس عشر على إحداث ثورة في الطريقة التي كان الأوروبيون ينظرون بها إلى عمل هيرودوت، بجعلهم يدركون التنوع الهائل للثقافات في العالم.
لا شك أن هيرودوت ما زال حيا في الثقافة الشعبية، ومثال على ذلك السباق المسمى تيمنا بعدو الأثيني فيديبيدس إلى إسبرطة طالبا المساعدة في ماراثون، بل إن اسم ماراثون نفسه ساهم بمقطعه الأخير في كلمة «تليثون» التي نحتت للإشارة إلى الساعات المتواصلة من البث التليفزيوني الممل الذي يقاطع البرامج الاعتيادية لجمع الأموال من أجل قضية نبيلة. وعلى الرغم من إغلاق فندق هيرودوت، الكائن في البلدة موطن المؤرخ، في التسعينيات، فما زال هناك شارع يحمل اسمه في حي كولوناكي الراقي في أثينا. وشهدت مبيعات «تاريخ هيرودوت» طفرة بعد عرض فيلم أنتوني مينجيلا الحائز جائزة الأوسكار «المريض الإنجليزي» في دور العرض، ثم قفزت من جديد بعد تحويل رواية فرانك ميلر النابضة بالحياة إلى الفيلم الذي يحمل اسم «300»، والذي يدور حول ثيرموبيلاي. كذلك كان لروايات تاريخية مثل «أبواب النار» للكاتب ستيفن برسفيلد أيضا دورها في الإبقاء على الشعلة متأججة، غير أن دلالة عمل هيرودوت تتجاوز كثيرا المكانة البارزة في الثقافة الجماهيرية التي قد تكون فعلا قصيرة الأجل؛ فعلى الرغم من كل حكايات هيرودوت غير المعقولة وأرقامه المبالغ فيها، فإن التاريخ ولد على يديه. وإذا شئنا ممارسة لعبة الأوائل المشهورين، المحببة إلى قلبه بشدة، فربما نقول إن هيرودوت هو - وفقا لاختصاصي الحضارة الإغريقية كريستيان ماير - أول من «قدم إجابات تاريخية عن الأسئلة التاريخية».
Página desconocida