Hidayat Raghibin
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
Géneros
ومن كتاب له عليه السلام كتبه إلى خواص أصحابه، يذكر فيه منة الله على خلقه برسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويذكر فضل أمير المؤمنين عليه السلام، وما لاقى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعده، فقال فيه بعد ذكر الله تعالى: أما بعد، فإن الله جل ثناؤه بعظمته ألزم نفسه علم الغيوب عن خلقه، لعلمه أنها لا تصلح إلا له، ثم أنشأ خلقه بلا عون، ودبر أمره بلا ظهير، ابتدأ ما أنشأ على غير مثال من معبود كان قبله ، ثم اختار لتفضيله بعلمه من ملائكته ورسله من ائتمنه على أسرار غيوبه، لم تلاحظه في الملكوت عين ناظرة ، ولا يد لامسة ، متفرد بما دبر، ذلكم الله رب العالمين.
إلى أن أخرج محمدا صلى الله عليه وآله وسلم من خير نسل ذوي العزم من الرسل، تناسخته دوارج الأصلاب إلى مطهرات الأرحام ، حتى استخرجه خير جنين، وأصحبه خير قرين، أرسله بنور الضياء إلى أهل الظلم والكفر.
وقد نسكوا وذبحوا للأصنام، واستقسموا بالأزلام، مترددين في حيرة الضلالة، كلما ازدادوا في عبادتهم جهلا ازدادوا من الله بها بعدا، حتى تصرمت عنهم مدة البلاء بقيام محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيهم يدعوهم إلى النجاة، ويضمن لهم الظفر في الدنيا، وحسن المثوبة في الآخرة ، ويخبرهم عن القرون الماضية كيف نجا من نجا منهم بالاستجابة لرسلهم، وكيف بعث العذاب على من تولى منهم، وصارت آثارهم وديارهم خاوية على عروشها، كيف تركوها وما فيها؟ فقال: يا قوم احذروا مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود، فأبوا إلا التكذيب بالتوحيد، واستعظموا أن يجعلوا الآلهة إلها واحدا.
Página 214