باب الغسل المسنون
قوله: وأيهما آكد؟ فيه قولان:
أحدهما: غسل الجمعة، لصحة الحديث فيه.
والثاني: الغسل من غسل الميت، لاختلاف قول الشافعي في وجوبه. انتهى.
وما اقتضاه كلامه من أن غسل الجمعة ليس بواجب بلا خلاف، ليس كذلك، فقد ذهب الشافعي في كتاب «الرسالة» إلى وجوبه، فإنه ذكر قوله- ﵊: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم»، وقوله: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل».
ثم قال عقبهما ما نصه: قال محمد بن إدريس: فكأن قول رسول الله ﷺ في غسل يوم الجمعة: واجب، وأمره بالغسل- يحتمل معنيين، الظاهر منهما: أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، كما لا يجزئ في طهارة الجنب غير الغسل، ويحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة. هذا لفظه بحروفه، ومن كتاب «الرسالة» نقلته، وهو من الكتب الجديدة، فإنه من رواية الربيع. ثم استدل الشافعي للاحتمال الثاني بقضية عثمان لما دخل وعمر يخطب، وأخبر بأنه لم يزد على الوضوء، ولم يأمره بالرجوع إلى الغسل، وقد استفدنا- أيضًا- من كلام الشافعي المتقدم أن الغسل شرط لصحة الجمعة فاعلمه، وهذا الذي نقلناه مذكور قبيل «باب النهي عن معنى دل عليه معنى من حديث غيره»، وهو نحو نصف الكتاب. ورأيت- أيضًا- في «شرح غنية» ابن سريج لأحد تلامذة القفال لم يتحرر لي مصنفه، حكاية قولين فيه، وأن القديم هو الوجوب، ذكره قبل التيمم بنحو صفحة، وتاريخ فراغ النسخة التي نقلت منها: سنة سبع عشرة وخمسمائة، فثبت أن الوجوب منصوص عليه في القديم والجديد معًا.
قوله: وزاد صاحب «التخليص» على ما ذكرناه: الغسل من الحجامة ومن دخول الحمام، وأنكره المعظم، وحكى الإمام في كتاب الجمعة عنه: أنه يستحب الغسل لدخول الكعبة، أيضًا. انتهى كلامه.
20 / 61