كان في الميدان المظلم خارج المنزل عندما وصلت، جالسا على إحدى الإطارات المدفونة طوليا في حواشي الميدان، ويحتضن قارورة الخمر في شرود.
جلست جواره في صمت.
كان رأسي يضج بالحيرة، ولساني يحتشد بالأسئلة، لكنني قررت أن التزم الصمت؛ حتى أستمع إلى ما سيقوله أولا. مد لي الكوب الزجاجي بدعوة صامتة فرفضت عرضه بهزة من رأسي، جرع محتويات الكوب مرة وحدة، تقلص وجهه، وهو ينفث من بين أسنانه، ثم عاد لهدوئه، وراح يصب المزيد في الكوب. - «بدأ الأمر في النصف الثاني من سبتمبر، عندما بدأنا نسمع أحاديث هامسة في الجامعة عن نذر انتفاضة شعبية تلوح في الأفق.
قالوا إن بعض الشباب في ود مدني قاموا بعمل تجمعات ليلية، وحرق بعض الإطارات في الأحياء وفي الشوارع الرئيسية. قالوا إن الأمر بدأ يصبح جديا، حتى إن الشرطة تدخلت عدة مرات، وقامت بفض عدة تجمعات هناك.
كانت الخرطوم تترقب في حذر.
كان عمار قد بدأ في عمل بعض اللقاءات السرية مع بعض الطلاب بالجامعة وجامعات أخرى، لحشد أكبر كمية من الشباب، لتشكيل لجان في الأحياء السكنية، إذا ما انتقلت الشرارة من الجزيرة للخرطوم، وهو ما كان يتوقعه.
كانت الخطة بسيطة؛ أن تقوم كل مجموعة باستقطاب الشباب المقيمين في الأحياء المجاورة لأماكن إقامتهم، لتكوين لجنة للحي، ومن ثم تقوم هذه المجموعة باستقطاب آخرين في أحياء أخرى، وهكذا. وسيلة فعالة لضمان انتشار الفكرة بأسرع ما يمكن. يشبه الأمر نظام التسويق الشبكي الذي كان منتشرا منذ فترة. هل تعرف التسويق الشبكي؟
لا.
أين كنت تعيش؟ كهوف قندهار؟ هه هه.
التسويق الشبكي عندما تبيع منتجا ما مقابل عمولة من الشركة، وعندما يقوم زبونك ببيع المنتج لآخرين، تحصل أيضا ع...
Página desconocida