يسعون لإسقاط الحكومة التي تتمسك بالدين، حتى يقيموا دولتهم العلمانية على أنقاضها. يطالبون بالحرية والديمقراطية وكل تلك المصطلحات التي استجلبوها من بلاد الخواجات، حتى يفتتحوا البارات والإندايات في قلب الخرطوم، ليشربوا الخمور علنا ويضاجعوا النساء في الشوارع بعد أن ينزعوا عنهن الحجاب، وينشروا الشذوذ الجنسي، تماما كما يفعل هؤلاء الأنجاس في أوروبا.
لقد قال له شيخ عبد الله - المعروف بتقواه وصلاحه - إنهم يبايعون الشيطان نفسه - أولاد الكلب - ويعملون لإقامة بلاد المازونية أو الماسونية في أرض السودان. لا يذكر الاسم جيدا، لكنهم سيعبدون الشيطان على أية حال.
لو شئنا الدقة؛ فهو يقوم بعمل جليل هنا، يدافع عن الدين، ويحارب عبدة الشيطان هؤلاء. هو لا يعرف الكثير عن الدين، فهو لم ينل حظه من التعليم لأسباب يطول شرحها، لكنه يثق بشيوخ الدين؛ لأنهم يعرفون كل شيء.
لم يكن يعرف الكثير عن الدين كما قلت، لكنه يعتبر نفسه شخصا متدينا على الصراط المستقيم، ملتزما بتعاليم الله وآراء الأئمة من السلف الصالح، ليس متعصبا إلى الحد الذي يجعله يرتدي الحزام الناسف أو يهدر دم كل من اختلف معه، وليس متساهلا إلى الحد الذي يجعله يأكل الخنزير مثلا. برغم أنه يسكر ويشرب عرقي البلح في تجمعات الأنس والسمر، وأحيانا يأتيه بعض خمر الخواجات اللذيذ المعتق كالويسكي والنبيذ والفودكا، والذي يجلبه له صديقه اللواء في الداخلية، كلما قام جنود إدارته بمصادرة بضاعة أحد تجار التهريب، كما أنه يزني كلما أتيحت له الفرصة لذلك. لكنه يلتزم بتحريم الله فيما يخص الخنزير، فبعض الحرام - يقول - أهون من بعض.
قال له شيخ عبد الله إنه عندما يموت، فسيكون شهيدا تزفه الملائكة كالعريس في موكب سماوي جميل، بينما تفوح منه رائحة المسك والصندل، وموسيقى جميلة في الخلفية. قال له إن الله سيبني له بيتا في الجنة، كذلك كجزاء لجهاده ضد المازونية. - «حدادي مدادي يا شيخ؟» - «بالحيل يا ولدي، حدادي مدادي.»
قال له إنه سيمنح خدما جميلي الشكل، يسهرون على راحته، مع الكثير من الحور العين، ينكحهن متى شاء وكيف شاء، وبأي وضعية شاء، بدون حدود لطاقته الجنسية، وبدون «فياجرا». - «بنات سمحات جنس سماحة، وغلف ما مطهرات، لونهن شدة ما أبيض لمن تشوف الدم ماشي شرررر في عروقهن.»
ويتحسس عضوه الذكري في شغف، وهو يحلم بالشهادة في سبيل الله. ويبتسم عندما يتخيل النظرة التي ستعلو وجه أم العيال - تلك البقرة - عندما تراه مرتميا في أحضان الحور.
إن الكثير من المرح في انتظاره.
لهذا - يمكننا أن نفهم - يحمل معه المسبحة دائما، لتذكره دائما بالله وجهاده من أجل دينه، ومن يومها وهو ينام قرير العين كالأطفال، بلا كوابيس من أي نوع.
بحركة سريعة أزال الحارس الكيس البلاستيكي، فراح «عمار» يعب الهواء في جشع لدقائق وجسده يرتجف.
Página desconocida