30

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1424 AH

Ubicación del editor

بيروت

فِعْلِ مَا نَوَاهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ، أَوْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ، وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشْيَاءُ كُنْتُ أَفْعَلُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنَ الْخَيْرِ. قُلْتُ: فَوَاللَّهِ لَا أَدَعُ شَيْئًا مَنَعْتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِلَّا فَعَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهُ» . قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِدَلَالَةِ الْإِشَارَةِ اسْتِدْرَاكُ مَا فَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا صَدَرَ مِنْهُ مَا صَدَرَ مِنَ الْقُرُبَاتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا تَامَّةً لِفَقْدِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ فَأَعَادَ فِعْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَ مِنْ وَصْفِ التَّمَامِ، وَأَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ هشام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْتَقَ حكيم مِائَةَ رَقَبَةٍ وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْتَقَ مِائَةً وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ. هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِوَفَائِهِ بِمَا وَعَدَ بِهِ. وَمِنْهَا مَا رُوِيَ «أَنَّ أبا سفيان لَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَتْرُكُ مَوْقِفًا قَاتَلْتُ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا قَاتَلْتُ مِثْلَهُ الْكُفَّارَ، وَلَا دِرْهَمًا أَنْفَقْتُهُ فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ بِمَنْطُوقِهِ فِي اسْتِدْرَاكِ تَكْفِيرِ مَا مَضَى فِي الْكُفْرِ مِنْ فِعْلِ الْمَنَاهِي، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ فَحْوَاهُ اسْتِحْبَابُ اسْتِدْرَاكِ مَا مَضَى فِي الْكُفْرِ مِنْ تَرْكِ الْأَوَامِرِ. وَأَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَصَحَّحَهُ «عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ جِئْتُ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . هَذَا أَيْضًا مِنِ اسْتِدْرَاكِ تَكْفِيرِ مَا مَضَى مِنْ فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ فِي حَالِ الْكُفْرِ. [بَابُ الْمَوَاقِيتِ] مَسْأَلَةٌ: فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ النواس بن سمعان قَالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الدَّجَّالَ إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ تَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: لَا، اقْدُرُوا لَهُ» . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ نَقَلَهُ القرطبي فِي التَّذْكِرَةِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَأَنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ حَتَّى

1 / 33