وما سمعت هذه العبارة حتى تشنجت وتطاحنت أسنانها، وجعلت دموعها تنهمر سخية سخينة فقلت لها بنزق: ومع ذلك تبكين؟ وماذا أبكاك؟ - إنك ترتاب بي. - متى جننت أصدق أنك وأنت تقصينني عنك تحبينني. - إنني أبغي لك الخير. - لا تعرفين مصلحتي أكثر مني، ولو كنت الآن تحبينني الحب الحقيقي كما كنت تحبينني قبلا لما كنت تطيقين فراقي لحظة، لم أنس أيام كنت أجدك موجعة الرأس إذا تأخرت عن موعد لقائك. - كنت حينئذ أحب نفسي أكثر منك يا موريس، أما الآن فقد ارتقى حبي حتى صرت أحبك أكثر من نفسي. - كفاك كذبا بعد، إنك لا تمتازين عن مثيلاتك إلا بمثل هذه الفلسفة.
فاستلقت على جانب المقعد، وتنهدت وجعلت تبكي، وكنت حينئذ أتمشى في الغرفة والباب مقفل، فسمعت خطوات ذينك الشابين يخرجان وفانتين تشيعهما، فخطر لي أمر انتقال إيفون إلى البيت الجديد، فقلت لها: ولماذا انتقلت إلى هنا، هل أغفلك الأمير؟ لا أقبل أن يكون منزلك حانة عمومية. - ماذا يهمك؟ لا تزرني. - فهمت الآن يا إيفون، فهمت أنك تنبذينني.
عند ذلك اندفعت من الباب والغضب يرج الأرض تحت قدمي، فركضت ورائي قائلة: «اصبر قليلا»، فلم أجبها ونزلت وهي تقول: «لسوف تعذرني يا موريس ولسوف ترحمني.»
الفصل التاسع
نار ولا نور
خرجت من عند إيفون والغيرة تلتهم فؤادي والغيظ يغلي في صدري، وصرت أفكر في السبب الذي حملها على مجافاتي، فلم يخطر لي أني أتيت ما يغضبها أو يسوءها قط، خطر لي مرارا أنها لا بد أن تكون مشغولة بحب جديد لم يظهر بعد، ولكن ضميري كان يغالطني في هذا الظن.
رأيت أن الواجب علي في تلك الحالة أن أحملها على إلغاء الحانة، فأرسلت إليها في ذلك المساء ورقة مالية ورسالة هذه صورتها:
عزيزتي إيفون
لا أطيق أن يكون منزلك حانة عمومية للرائح والغادي، ضمن رسالتي هذه ورقة مالية بقيمة زهيدة تغنيك عن ذلك العمل المكروه، ومتى أنفقتها يكون في يدك غيرها، ولي الأمل أن أزورك قريبا وقد تغير شكل منزلك.
موريس كاسيه
Página desconocida