وفهم الزهار أنه يقصد إليه، وخيل للنمرود أنه المقصود، وتذكر في تلك الآونة هذه الإشاعة التي كان قد أطلقها من أنه قتل زوجته الهاربة.
ويسأل النمرود في تردد: من ...؟ من تقصد؟
ويكون الزهار سارحا في هذا الأمر الذي يوشك أن يلقى إليه، فهو لم يقتل قبل اليوم وإن كان قد تمنى أن تتاح له الفرصة. نعم إنه أمهر في إصابة الهدف من الدفراوي، ولكن الدفراوي مرن على قتل الناس، أما هو ...
ويسمع الزهار كمالا وهو يقول في صوت مليء بالثقة: الزهار يا أخي، الزهار الذي تعلم إصابة الهدف في العسكرية، ومعنا مسدسات لا تخيب أبدا.
ويقول النمرود: ما رأيك يا زهار؟!
ويقول الزهار في وجمة وتفكير: أمركم، كما ترون.
ويقول كمال: نستلقي هنا على بطوننا، فإذا جاءت سيارة لطيف فعليك يا زهار أن تصوب إلى الزجاج الخلفي للسيارة، فأمامه تماما سيكون رأس لطيف، فهو يجلس في الوسط، أما أنا وأنت يا نمرود فسنضرب في جوانب السيارة لنقتل من معه، وسنكون نحن مختفين بينما سيكون جميعهم ظاهرين لنا ... - أمرك.
وما هي إلا دقائق حتى ظهر نور السيارة قادما من بعيد، فينام ثلاثتهم على بطونهم وقد أخفاهم جرف المصرف عن نور السيارة وعبرتهم السيارة، ولكن لم تكد حتى انطلق مسدس الزهار فأصاب الزجاج حيث أراد كمال، وانطلق مسدسا كمال والنمرود فأصاب كمال جانب السيارة من أعلى وأصاب النمرود عجلة السيارة فنامت.
وحاول السائق أن يزيد سرعة السيارة ولكن السيارة قفزت منه قفزة ثم توقف محركها، ففتحت أبواب السيارة جميعا ونزل منها أربعة أنفار أما السائق، ومن كان خلفه فقد نزلا إلى ناحية الحقل فتسترا بالسيارة، وظلا يتدحرجان نائمين حتى بلغا الحقل، فغاصا في جدول من الماء يفصل بين الحقل والطريق. أما من كان إلى جانب السائق ومن كان خلفه فقد تدحرجا من السيارة إلى ناحية الكمين، وحاولا أن يدخلا تحت السيارة فلم تتسع لهما فتدحرجا في سرعة مجنونة إلى جرف المصرف، وراح كمال يطلق عليهما الرصاص وهما في طريقهما إلى المصرف فلم يصبهما، بينما راح النمرود والزهار يصوبان نحو السيارة حيث أمرهما كمال أن يصوبا، وقد أصبحت أيديهما الضاربة منفصلة كل الانفصال عن عقليهما، فكل ما يدريان من أمر نفسيهما أنهما أمرا أن يضربا مواضع معينة من السيارة فهما يصوبان إلى حيث أمرا بغير تفكير، وفي إصرار ذاهل مجنون.
أصبح رجلا لطيف في الجرف مع الكمين، فصوب إليهما كمال مسدسه، ولكن الاضطراب كان قد أخذ يسيطر عليه، وصوب الرجلان بندقيتهما اللتين كانتا معلقتين على كتفيهما إلى الكمين، وما هي إلا طلقات قلائل حتى كان الكمين كله في الطين قتيلا: كمال والزهار والنمرود.
Página desconocida