خلا كمال والزهار والنمرود بالطريق، وكانوا يسيرون في طريق يحفه من جانب مصرف جاف ليس في جوفه إلا أوشال ماء وكثير طين، ومن الجانب الآخر حقول لطيف وقد رفعت عنها الذرة، وذهب كمال فنظر في المصرف خشية أن يكون فيه أحد جالسا، ونفض المكان جميعه بعينه ثم قال لرفيقيه: ميلا بنا نجلس في جرف هذا المصرف لأحدثكم في أمر خطير.
وجلس ثلاثتهم على جرف المصرف، وقد ألقى رفيقا كمال إليه بآذانهما المصغية. - لقد عملت منذ أول يوم تكونت فيه الجماعة على أن أكسب ود لطيف، فهو لا يعلم بأمر جماعة مثلنا تتكون قريبا منه إلا حاول أن يضمها إليه أو يقضي عليها.
فقال النمرود: نعم هذا صحيح.
فقال كمال: أما هذا الذي طلب إلينا أن نعمله الليلة فهو الفناء الأكيد لنا جميعا ... فلولا أن منصورا انتظر في السجن حتى المحاكمة لأفشى سرنا، وخاصة إذا عرف أننا اختطفنا بنت العمدة ورجعناها دون أن يغير العمدة شهادته.
فقال الزهار: نعم أنت محق ولو كنت طاوعته لقلنا نحن لا.
فقال كمال: فاعلموا إذن أننا إذا لم نقتل لطيفا فإنه سيقتلنا لا محالة، فأنتم تعلمون أن أمثالنا في هذه الناحية إما أن يكونوا أصدقاءه أو يكونوا في القبور.
فجزع النمرود قائلا: نقتل لطيفا؟
وقال كمال في ثبات: وأي فرق بين لطيف وصلاح وأحمد؟! الرصاصة التي قتلت صلاحا أو أحمد تستطيع أن تقتل لطيفا، إنه الوحيد الذي يعرف أشخاصنا، وقد تركناه غاضبا، فإن لم نقتله فمصيرنا إلى القتل على يديه أو القتل على يدي الحكومة التي سيشي بنا عندها.
فقال النمرود: ولكن الدفراوي هو الذي قتل صلاحا وأحمد، ومن لنا الآن بالدفراوي؟
فقال كمال: معنا من هو أمهر من الدفراوي.
Página desconocida