Guerra y Paz
الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة
Géneros
غير أن بيير كان كالعاصفة التي نشطت من عقالها، لا يسمع ولا يصغي. استطرد معقبا: نعم، إن «نابليون» عظيم؛ لأنه استطاع السيطرة على الثورة . لقد خنق سيئات الثورة وأبقى جوهرها الطيب؛ مساواة المواطنين، وحرية القول والصحافة. ولهذه الأسباب وحدها، استولى على السلطة العليا.
فقال الفيكونت مناقشا: لا شك أنه لو أعاد السلطة - بعد أن حصل عليها - إلى أيدي أصحابها الشرعيين بدلا من أن ينتهز فرصة وصولها إلى يديه لارتكاب جريمة قتل؛ لأسميته رجلا عظيما ولا شك. - إن ذلك مستحيل أصلا، إن الأمة لم تعهد إليه بمقاليدها إلا لينقذها من آل بوربون، ولأنها رأت فيه رجلا عظيما يستحق ثقتها. لقد كانت الثورة خطوة جبارة.
كان بيير بإصراره على إبداء رأيه على هذا الشكل، يعبر عن رغبته العميقة في إبداء الرأي النزيه بعيدا عن الموجبات والاعتبارات الأخرى، مدفوعا بحمية الشباب.
كررت آنا بافلوفنا مغضبة: الثورة خطوة جبارة؟! قتل الملك والتجاوز على سلطته؟! هلا انتقلت إلى المائدة الأخرى بعد كل هذا!
ألمح الفيكونت، وهو يفضح ابتسامة وديعة: العقد الاجتماعي!
بينما انطلق بيير يدافع عن نفسه: إنني لم أخص مقتل الملك بالقول. إنني أتحدث عن الأفكار ...
فقاطعه الفيكونت بابتسامة هازئة وصوت ساخر: نعم، أفكار السلب والقتل وقتل الملوك ... - إن هذه الحوادث - ولا أفكر أبدا في إنكار وقوعها - لا تشكل كل الثورة وأهدافها. إن روح تلك الثورة وجوهرها هي حقوق الإنسان، وإلغاء التقاليد البالية، والمساواة بين المواطنين. لقد أقام نابليون هذه المبادئ بكل معانيها وقوتها.
فقال الفيكونت بمقت، وقد قرر أخيرا أن يشعر ذلك الغر بكل السخف الذي في تلك الآراء والأفكار التي يتشدق بها: إن الحرية والمساواة كلمات طنانة ضخمة استغلت استغلالا بشعا. من ذا الذي لا يحب الحرية والمساواة؟! لقد كانت منذ الأزل من تعاليم سيدنا المخلص، ولكن هل جعلت الثورة الرجال أكثر سعادة؟! على العكس، إننا نحن أولاء الذين أردنا الحرية، ونابليون هو الذي دمرها وحطمها.
كان الأمير آندره يسرح نظره باسما بين بيير والفيكونت، ومنهما إلى وجه ربة الدار، كانت هذه - رغم ممارستها تقاليد المجتمعات وإتقانها ضبط أعصابها - قد فقدت بادئ الأمر كل سيطرتها على أعصابها، وكادت أن تعلن عن سخطها وتنكبها سبيل المضيفة اللبقة ، لكنها عندما وجدت أن الفيكونت مورتمارت ظل محتفظا بهدوئه ولامبالاته، إزاء آراء الشاب الدنسة - تلك الآراء التي فات أوان كبتها وخنقها - استعادت شجاعتها ولجأت إلى الهجوم.
قالت تنفيذا لخطتها الجديدة: ولكن يا سيدي بيير العزيز، كيف تفسر لجوء رجلك العظيم إلى إعدام دوق، بل - لنقل - رجل عادي، مخلوق إنساني بسيط، دون أن يحاكم الرجل التعس، أو أن يكون مذنبا؟
Página desconocida