177

فصل في الكلام فيما خلق الله من النعم

من ذلك خلق الهواء، وما جعل الله فيه من السعة والصفاء، وكونه مكانا للكبير والصغير من الحيوان والجماد؛ وما جعل الله فيه للعباد من المنافع والمصالح والمواد. وجملة الأمر أن من فارق الهواء مات، وبانت عنه عند مفارقته الحياة؛ فصح أنه نعمة من النعم الكبار، على الكبار من الحيوان والصغار.

ومن ذلك خلق السماء، وسعتها، وبعدها، وموافقة لونها للأبصار. وما جعل الله فيها من الأفلاك والشمس والقمر والنجوم لصالح الحيوان، وقد قدمنا الكلام فيها، فهل هي إلا من النعم الجسام؟!

ومن ذلك خلق السحاب المسخر بين السماء والأرض، وما فيه من المنافع والمصالح [والنعم] الجسام.

ومن ذلك [خلق] الرياح وتسخير الله لها بين السماء والأرض ليثير بها السحاب وتصلح بها الأجساد والأشجار، ويزيل بها من الهواء العفونات والغبار، فهل هي إلا من النعم الجسام؟!

ومن ذلك خلق الأرض وما جعل الله فيها من الطول والعرض. وجعل جبالها أوتادا لأن لا تميد بأهلها. وجعل الإنسان مخولا لحزنها وسهلها. وبث فيها من كل دابة، وجعل فيها من الفواكه والكروم والزروع والنخيل والأعناب، وصنوف المعايش والأرزاق؛ وجعل ذلك مادة ونعمة للإنسان.

Página 244