فقال الشرطي بسرعة: حاضر يا أفندم.
وسأل الباشا الشاب: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ - أنا آسف يا صاحب السعادة، كنت سكران، وقادتني قدماي إلى هنا من غير أن يراني أحد، ونمت على الحشائش بضع ساعات، ثم استيقظت في حالة أدنى إلى الوعي والانتباه، فأدركت خطئي، وحاولت إصلاحه بالهروب فوقعت في يدي الشرطي .. لست لصا .. فتشوني فلن تعثروا على شيء. - وماذا شربت؟
وكان السائق في حالة سيئة من الغيظ والحنق فقال: هذا لص كذاب يا صاحب السعادة، وينبغي أن نسوقه إلى القسم.
ولكن الباشا انتهره قائلا: لا تقاطع التحقيق.
وسأل الباشا وهو يهز رأسه بدهاء: ماذا شربت؟ - ويسكي يا صاحب السعادة.
فسألته زينب هانم: بالصودا؟ - نعم.
فمالت المرأة على زوجها وهمست: انظر إلى فعل الويسكي بالصودا.
فرد عليها بصوت خافت: نعم .. الويسكي بالصودا شراب ملعون.
ثم دنا من الشاب وهو يقول: دعنا نفتشك أولا.
فاستسلم الشاب إليه، ودس الباشا يديه في جيوبه، ولم يجد سوى حافظته، فأراد تفتيشها، ولكن الشاب لم يمكنه منها، وأثارت مقاومته شكوك الحاضرين، فقبض الشرطي على يديه بقسوة وأخذ الباشا الحافظة، وكانت لحقت به زوجته وابنته، وأخرج محتوياتها، وكان بها ورقة من ذات الجنيه وعدة بطاقات وصور صغيرة، ولاحت منه نظرة عارضة إلى الصور، فأيقظت انتباهه وشحذت بصره، فنظر إليها بإمعان فرأى صورة لولو، ولولو بذاتها، هل يصدق عينيه .. أم إنها الخمر؟ .. ونظر إلى زوجته يستعين بعينيها، فرأى بهما دهشة وإنكارا، والتفت إلى لولو فرآها تتسحب بخفة وتعود إلى القصر تسير بخطوات متئدة غير مبالية بشيء.
Página desconocida