فصل في تحريم صيد الحرم
ويحرم صيد حرم مكة المشرفة إجماعا.
قلت: ومستند الإجماع الأخبار الواردة في تحريم مكة، فيدل ذلك على أنها قد تطلق على الحرم كله، فلا يرد ما قاله في ضوء النهار من أنه لا دليل على غير ما شمله اسم مكة، وما قرره الأمير في المنحة.
نعم، وكذا حرم المدينة المطهرة، خلافا للإمام زيد بن علي والناصر وأبي حنيفة. وعن الشافعي: يكره.
وقد سبق ذكر حدود الحرمين، والمقصود ما وجد فيهما من الصيد ولو لم يكن حالا، وسواء ما يؤكل وما لا يؤكل إذا كان مأمون الضرر، وغير مستثنى كما مر، ويضمن هنا العمد والخطأ.
مسألة: ويضمن بالقيمة عند العترة وأبي حنيفة، وعند الشافعي ومالك فيه الجزاء ويرجع إلى تقويم عدلين، فيخير بين أن يهدي بها، أو يطعم، ولا صيام هنا. وعند الشافعي ومالك: أو يصوم.
مسألة: وتصرف قيمة صيد الحرمين وشجرهما في حرم مكة.
مسألة: لا يشترط أن يكون الهدي هنا بسن الأضحية.
مسألة: وعلى المحرم جزاء وقيمة عند الإمام زيد والهادي والناصر وقول للشافعي. وعند أبي حنيفة وقول للشافعي يتداخلان.
مسألة: عند الإمام يحيى والأستاذ أن على الجماعة قيمة واحدة، والمذهب أنها تكرر.
مسألة: والعبرة بموضع الإصابة لا بموضع الموت، فلو رمى صيدا في الحل فمات في الحرم فلا شيء فيه إلا الجزاء إن كان محرما، وفي العكس يلزمه القيمة والجزاء إن كان محرما، والفدية أيضا إن أكل. والصيد في الصورة الأولى حرام إن مات بالسراية لا بالمباشرة فيحل، وفي الصورة الثانية حرام. ومن رمى من الحل إلى الحرم ضمن اعتبارا بالإصابة. وفي العكس وجهان: يضمن اعتبارا بالفعل في الحرم، وقواه الإمام يحيى عليه السلام؛ ولا يضمن، واختاره للمذهب كمن رمى من الحل إلى الحل مخترقا للحرم. ولو أخرج شخص الصيد إلى الحل فقتله شخص آخر، تعددت القيمة عليهما.
Página 59