قال مسيو ڨياردو: إن ذلك الفارس الشهير الذي يثير اسمه ذكريات البطولة هو البطل الشعبي الذي اقتحم المخاطر والأهوال أكثر مما اقتحمه هركول وثيزه وقدماء أنصاف الآلهة مجتمعين.
بيد أنه، وإن كان من المؤلم تجريد اسم عظيم من بعض ما أسبغته القرون عليه، لم يوضع التاريخ ليؤيد بأحكامه أقاصيص الأدباء وخيالات الشعراء.
لم يحز رودريك، أو روي دياز الڨيڨاري، غير صفات الجندي، أي كان رئيس عصابة من المرتزقة قاسيا جشعا حقودا شديدا في قوله وعمله كثير الجلف مستخفا بالعدل والإنصاف.
شكل 6-11: برج لاجيرالده (برج لعبة الهواء) في أشبيلية (من تصوير جيرول دوپرانجه).
وكان نصارى أرغونة أول من أعمل السلاح فيهم لحساب المسلمين الذين منحوه لقب «السيد» فعرف به، ثم باع سيفه من شانشه القوي؛ ليساعده على تجريد ما لإخوته وأخواته من المقاطعات، ثم حالف هذا وذاك محالفة الغادرين، ولم يبال بعهد الأمان الذي قطعه لمدينة ساغونتة ومدينة بلنسية؛ فأطعم الكلاب بعض الأسرى، ونكل ببعضهم، وحرق بعضا آخر منهم إكراها لهم على كشف كنوزهم. «حقا إنه أطفأ ما تم له من مجد النصر بما قام به من أعمال الختر
2
والخسة والإجرام، وإني أحيل القارئ الذي يريد التثبت في مصداق قولي إلى ما قاله مسيو دوزي في مباحثه عن تاريخ عرب إسپانية السياسي والأدبي في القرون الوسطى.»
شكل 6-12: محراب مسجد قصر الحمراء (من تصوير جونس).
وليس من الإنصاف أن نقسو على السيد الذي لم يعمل بغير ما كانت تبيحه طبائع زمنه، ولكن من الواجب أن نشير إلى تلك الطبائع؛ ليتجلى لنا مقدار ما أسدت به الأمة التي عملت على زوال تلك الطبائع من خدمة عظيمة بتأثير تعاليمها التي لا مؤيد لها سوى الرأي.
ويقولون: إن الدين يهذب الطبائع، وأذهب إلى هذا الرأي أحيانا وإن لم يكن في التاريخ سوى أدلة قليلة على ذلك، وإنما الذي لا ريب فيه هو أن قواعد الفروسية التي جاء بها العرب أدت إلى إصلاح تلك الطبائع أكثر من جميع التعاليم الدينية.
Página desconocida