156

Civilización árabe

حضارة العرب

Géneros

وكان لإسپانية نصيب من إدبار رومة بعد أن كان لها حظ من إقبالها، فقد انقض الوندال والألين والسويف الذين هم من برابرة الشمال على إسپانية بعد أن خربوا بلاد الغول، ولم يلبث القوط، الذين هم من البرابرة أيضا، أن قهروهم، واستولوا على إسپانية في القرن السادس من الميلاد، وظلوا سادة لها تماما إلى أن جاء العرب.

شكل 6-1: ذراعا صليب ذهبي قوطي طليطلي مرصع بالحجارة الثمينة (القرن السابع، من صورة فوتوغرافية).

ولسرعان ما اختلط القوط البرابرة باللاتين في إسپانية، فاتخذوا اللاتينية لغة لهم، وانتحلوا النصرانية التي كانت دين الدولة الرسمي بدلا من عبادة الأصنام، وخضعوا بذلك لسلطان الحضارة اللاتينية، وحاولوا كغيرهم من قاهري الدولة الرومانية أن يهضموها على قدر عقولهم.

وبقيت شريعة القوط دستور إسپانية النصرانية إلى منتصف القرن الثالث عشر، ودلت الحوادث على أنهم امتزجوا بالعنصر اللاتيني الذي كان مالكا لقسم من البلاد، وتم اختلاطهم بنصارى الشمال بعد أن دحرهم المسلمون إلى جبال أشتورش، وظل لقب «ابن القوطي» من ألقاب الشرف حتى بعد أن استردوا إسپانية بزمن طويل، وعندي أن من مظاهر الدم القوطي ما نجد الآن في إسپانية من أصحاب الشعور الشقر الكثيرين.

وكان اختلاط القوط باللاتين، قبل الفتح العربي، مقتصرا على علية القوم، وكان سكان البلاد الأصليون من الأرقاء الذين ليس لديهم شيء يدافعون عنه، والذين كانوا مستعدين لقبول أي سلطان عليهم، فلم يكن الجيش المؤلف من أمثال هؤلاء مما يعتمد عليه.

ومن سوء حظ المملكة القوطية أن كان النظام الملكي القوطي قائما على الانتخاب، وأن كان المرشحون للعرش كثيرين، فيقتتل أنصار هؤلاء المرشحين على الدوام، ويمزقون باقتتالهم المملكة القوطية، ولذا لم يكن الأشراف ممن يركن إليهم.

نزاع اجتماعي، وفتن داخلية، وفقدان للروح العسكرية، وفتور عن الدفاع بين الأهلين المستعبدين، هذه هي الحال التي كانت عليها مملكة القوط حين ظهور العرب، وكان من المنافسات التي تمزق الدولة القوطية أن سهل الأمير يليان ورئيس أساقفة أشبيلية، وهما من علية الإسپان، فتح إسپانية على العرب. (2) استقرار العرب بإسپانية

دخل جيش إسلامي مؤلف من اثني عشر ألف جندي بلاد إسپانية في سنة 711م، أي في زمن الخليفة العاشر الذي كانت دمشق عاصمته.

ومن يقطع القسم الجنوبي الخصب من بلاد إسپانية يعلم مقدار التأثير الذي أثر به في نفوس العرب حينما استولوا عليه؛ فقد بهرتهم تربته وهواؤه ومدنه ومبانيه.

ووصفت إسپانية في كتاب أرسله قائد الجيش العربي إلى الخليفة الأموي بأنها: «شامية في طيبها وهوائها، يمنية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جباياتها، صينية في معادن جواهرها، عدنية في منافع سواحلها.»

Página desconocida