وَلَو لم يصل إِلَيْنَا من هَذِه الْكتب غير كتاب أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام لَكِنَّهَا وصلت إِلَى الْخطابِيّ كَمَا يظْهر من قَوْله التالى الذى يجدر بِالذكر لكى نَعْرِف نوعية هَذِه الْكتب ومبلغ أَثَرهَا فِيمَا الف فِي العصور التالية فَقَالَ الخطابى فِي كِتَابه (١) مِنْهَا كتاب أَبى عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى وَكتاب ينْسب إِلَى الاصمعي يَقع فِي وَرَقَات مَعْدُودَة وَكتاب مُحَمَّد بن المستنير الذى يعرف بقطرب وَكتاب النَّضر بن شُمَيْل وَكتاب إِبْرَاهِيم ابْن إِسْحَاق الحربى وَكتاب أَبى معَاذ صَاحب الْقرَاءَات وَكتاب شمر بن حَمْدَوَيْه وَكتاب الباحدانى (كَذَا) وَكتاب آخر ينْسب إِلَى رجل يعرف بِأَحْمَد بن الْحُسَيْن الكندى، إِلَّا أَن هَذِه الْكتب على كَثْرَة عَددهَا إِذا حصلت كَانَ مآلها إِلَى الْكتاب كالكتاب الْوَاحِد إِذْ كَانَ مصنفوها لم يقصدوا بهَا مَذْهَب التَّعَاقُب كصنيع القتيبي فِي كِتَابه، إِنَّمَا سبيلهم فِيهَا أَن يتوالوا على الحَدِيث فيعتوروه فِيمَا بَينهم ثمَّ يتبارون فِي تَفْسِير يدْخل بَعضهم على بعض، وَلم يكن من شَرط الْمَسْبُوق مِنْهُم أَن يفرج للسابق عَمَّا أحذره وَأَن يقتضب الْكَلَام فِي شئ لم يُفَسر قبله على شاكلة مَذْهَب ابْن قُتَيْبَة وصنيعة فِي كِتَابه الذى عقب بِهِ كتاب أَبى عبيد ثمَّ إِنَّه لَيْسَ لوَاحِد من هَذِه الْكتب الَّتِى ذَكرنَاهَا أَن يكون شئ مِنْهَا على منهاج كتاب أَبى عبيد فِي بَيَان اللَّفْظ وَصِحَّة الْمَعْنى وجودة الاستنباط وَكَثْرَة الْفِقْه وَلَا أَن يكون من شرح كتاب ابْن قُتَيْبَة فِي إشباع التَّفْسِير وإيراد الْحجَّة وَذكر النَّظَائِر والتخليص للمعانى، إِنَّمَا هِيَ أَو عامتها إِذا انقسمت وَقعت
_________
(١) غَرِيب الحَدِيث للخطابي ق ٢.
المقدمة / 5