(السلسلة الجديدة من مطبوعات دَائِرَة المعارف العثمانية ٩٢ / ٢)
غَرِيب الحَدِيث
لأبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام الْهَرَوِيّ الْمُتَوفَّى سنة ٢٢٤ هـ = ٨٣٨ م
(الْجُزْء الأول) طبع بإعانة وزارة المعارف للحكومة الْعَالِيَة الْهِنْدِيَّة
تَحت مراقبة الدكتور مُحَمَّد عبد المعيد خَان أستاذ آدَاب اللُّغَة الْعَرَبيَّة بالجامعة العثمانية
الطبعة الأولى بمطبعة مجْلِس دَائِرَة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الْهِنْد
سنة ١٣٨٤ هـ / ١٩٦٤ م
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة الْمُصَحح الْحَمد لله الذى علم الانسان مَا لم يعلم وَأكْرم نبيه الامي باعجاز الْبَيَان، الذى أفحم الناطقين بِمَا يُوحى إِلَيْهِ من الْقُرْآن والعرفان، وصلوات الله سُبْحَانَهُ على أكْرم الْمُرْسلين سيد الانبياء وَالصديقين، سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وَآله الطاهرين وَأَصْحَابه الاكرمين وأزواجه المنزهان من الرجس أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وعَلى التَّابِعين لَهُم باحسان إِلَى يَوْم الدَّين. أما بعد فَيُقَال فِي كَلَام الْعَرَب: غربت الْكَلِمَة غرابة - إِذا غمضت وخفيت معنى، وَغرب الرجل يغرب غربا - إِذا ذهب الرجل وَبعد. فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد الْخطابِيّ فِي شرح معنى الْغَرِيب واشتقاقه أَن الْغَرِيب من الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ الغامض الْبعيد من الْفَهم كالغريب من النَّاس، وَقَالَ، إِن الْغَرِيب من الْكَلَام يسْتَعْمل على وَجْهَيْن " أَحدهمَا أَن يُرَاد أَنه بعيد الْمَعْنى غامضه لَا يتَنَاوَلهُ الْفَهم إِلَّا عَن بعد ومعاناة فكر، وَالْوَجْه الاخر أَن يُرَاد بِهِ كَلَام من بَعدت بِهِ الدَّار ونأى بِهِ الْمُحَلّل من شواذ قبائل الْعَرَب، فَإِذا وَقعت الْكَلِمَة من لغاتهم استغربناها (١) . _________ (١) غَرِيب الحَدِيث لابي سُلَيْمَان الْخطابِيّ مخطوطة الجامعة العثمانية رق
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة الْمُصَحح الْحَمد لله الذى علم الانسان مَا لم يعلم وَأكْرم نبيه الامي باعجاز الْبَيَان، الذى أفحم الناطقين بِمَا يُوحى إِلَيْهِ من الْقُرْآن والعرفان، وصلوات الله سُبْحَانَهُ على أكْرم الْمُرْسلين سيد الانبياء وَالصديقين، سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وَآله الطاهرين وَأَصْحَابه الاكرمين وأزواجه المنزهان من الرجس أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وعَلى التَّابِعين لَهُم باحسان إِلَى يَوْم الدَّين. أما بعد فَيُقَال فِي كَلَام الْعَرَب: غربت الْكَلِمَة غرابة - إِذا غمضت وخفيت معنى، وَغرب الرجل يغرب غربا - إِذا ذهب الرجل وَبعد. فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد الْخطابِيّ فِي شرح معنى الْغَرِيب واشتقاقه أَن الْغَرِيب من الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ الغامض الْبعيد من الْفَهم كالغريب من النَّاس، وَقَالَ، إِن الْغَرِيب من الْكَلَام يسْتَعْمل على وَجْهَيْن " أَحدهمَا أَن يُرَاد أَنه بعيد الْمَعْنى غامضه لَا يتَنَاوَلهُ الْفَهم إِلَّا عَن بعد ومعاناة فكر، وَالْوَجْه الاخر أَن يُرَاد بِهِ كَلَام من بَعدت بِهِ الدَّار ونأى بِهِ الْمُحَلّل من شواذ قبائل الْعَرَب، فَإِذا وَقعت الْكَلِمَة من لغاتهم استغربناها (١) . _________ (١) غَرِيب الحَدِيث لابي سُلَيْمَان الْخطابِيّ مخطوطة الجامعة العثمانية رق
المقدمة / 1
ثمَّ قَالَ الْخطابِيّ يذكر السَّبَب الَّذِي من أَجله كثر غَرِيب حَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم " أَنه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم بعث مبلغا ومعلما فَهُوَ لَا يزَال فِي كل مقَام يقومه وموطن يشهده يَأْمر بِمَعْرُوف وَينْهى عَن مُنكر ويشرع فِي حادثه ويفتى فِي نازلة والاسماع إِلَيْهِ مصغية والقلوب لما يرد عَلَيْهَا من قَوْله وَاعِيَة، وَقد يخْتَلف عَنْهَا عباراته، ويتكرر فِيهَا بَيَانه ليَكُون أوقع للسامعين وَأقرب إِلَى فهم من كَانَ مِنْهُم أقل فقها وَأقرب بالاسلام عهدا، وأولو الْحِفْظ والاتفاق من فُقَهَاء الصَّحَابَة يوعونها كلهَا سمعا ويستوفونها حفظا ويؤدونها على اخْتِلَاف جهاتها، فتجمع لَك لذَلِك فِي الْقَضِيَّة الْوَاحِدَة عدَّة أَلْفَاظ تحتهَا معنى وَاحِد، وَذَلِكَ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر، وفى رِوَايَة أُخْرَى: وللعاهر الاثلب، وَقد مر بسماعي وَلم يثبت عِنْدِي: وللعاهر الكثكثت: وَقد يتَكَلَّم صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض النَّوَازِل، بِحَضْرَتِهِ أخلاط من النَّاس قبائلهم شَتَّى ولغتهم مُخْتَلفَة ومراتبهم فِي الْحِفْظ والاتقان غير مُتَسَاوِيَة، وَلَيْسَ كلهم يَتَيَسَّر لضبط اللَّفْظ وحصره أَو يتَعَمَّد لحفظه، ووعيه وَإِنَّمَا يسْتَدرك المُرَاد بالفحوى وَيتَعَلَّق بالعمى ثمَّ يُؤَدِّيه بلغته ويعبر عَنهُ
بِلِسَان قبيلته، فيجتمع فِي الحَدِيث الْوَاحِد إِذا انشعبت طرقه عدَّة أَلْفَاظ مُخْتَلفَة مُوجبهَا شئ وَاحِد (١) .
هَذَا قَول الْخطابِيّ أقرب إِلَى الْفَهم وأجدر بِالْقِيَاسِ مِمَّا قَالَه ابْن الاثير.
_________
(١) غَرِيب الحَدِيث للخطابي ق ٧.
المقدمة / 2
فِي النِّهَايَة، فخلاصة مَا قَالَ ابْن الاثير من الدواعى الَّتِى أدَّت وضع هَذَا الْفَنّ كَمَا يلى:
(١) كَانَ الله تَعَالَى قد أعلم نبيه مَا لم يكن يُعلمهُ غَيره، وَكَانَ أَصْحَابه يعْرفُونَ أَكثر مَا يَقُوله، وَمَا جهلوه سَأَلُوهُ عَنهُ - صلى الله عَلَيْهِ - فيوضحه لَهُم، وَلم يَتَيَسَّر ذَلِك بعد وَفَاة النَّبِي ﷺ.
(٢) كَانَ اللِّسَان الْعَرَبِيّ فِي عصر الصَّحَابَة صَحِيحا لَا يتداخله الْخلّ إِلَى أَن فتحت الامصار وخالط الْعَرَب غير جنسهم فامتزجت الالسن فتعلم الاولاد من اللِّسَان الْعَرَبِيّ مَا لَا بُد لَهُم وَتركُوا مَا عداهُ -
(٣) اسْتَحَالَ اللِّسَان الْعَرَبِيّ أع جميا فِي عصر التَّابِعين فصرف الْعلمَاء طرفا من عنايتهم فألفوا فِيهِ حراسة لهَذَا الْعلم.
عِنْد مَا نقارن هَذَا القَوْل بِمَا قَالَ الْخطابِيّ يظْهر جليا أَن السَّبَب فِي ثكرة الْغَرِيب فِي الحَدِيث يرجع إِلَى اخْتِلَاف الروَاة عِنْد الخطابى.
ولسبب عِنْد ابْن الاثير يرجع إِلَى أَن الله تَعَالَى أعلم نبيه مَا لم يكن يُعلمهُ غَيره، وَأما مَا قَالَ ابْن الاثير تَحت الرقم الثَّانِي، والرقم الثَّالِث فَهُوَ لَا يُنَاسب وَلَا يلائم سَبَب تأليف هَذَا الْفَنّ، لَان الْعلمَاء بذلوا جهودهم فِي جمع غَرِيب الحَدِيث، نوادره لادراك معنى الحَدِيث والتفقه فِي الدَّين لَا لمعْرِفَة كَلَام تبع التَّابِعين الَّذين أصبح اللِّسَان الْعَرَبِيّ أعجميا
فِي عصرهم كَمَا زعم ابْن الاثير، وَمهما كَانَ من وُجُوه التَّأْلِيف، وأسبابه فان الْفَنّ أصبح من اللوازم الَّتِى لابد مِنْهَا فِي فهم الحَدِيث وَإِدْرَاك مَعَانِيه، وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن السّلف إِذا وجدوا كلمة غَرِيبَة أَو معنى
المقدمة / 3
مستغلقا فِي متن الْقُرْآن والْحَدِيث وَلم يكن النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ وَسلم ولاصحابته موجودين لايضاح غَرِيب اللُّغَات وَتَأْويل الْعبارَات رجعُوا إِلَى كَلَام الْعَرَب وأشعارهم للبحث عَن مادتها ولاستكاشفا مَعَانِيهَا، فأصحبت نتائج الْبَحْث وَالتَّحْقِيق علما مُسْتقِلّا بِذَاتِهِ، وَبَدَأَ الْعلمَاء يؤلفون الْكتب حول غَرِيب الحَدِيث من ابْتِدَاء الْقرن الثَّانِي من الهجري.
منزلَة أَبى عبيد عِنْد معاصريه وَأورد ابْن الاثير فِي مُقَدّمَة كِتَابه النِّهَايَة نبذة من تَارِيخ معاجم غَرِيب الحَدِيث من ابْتِدَاء الْقرن الثَّانِي إِلَى عهد الزَّمَخْشَرِيّ، وَنَقله حاجى خليفه فِي كشف الظنون، ومصححا الْفَائِق فِي مقدمتهما، (انْظُر طبع دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة بِالْقَاهِرَةِ سنة ١٩٤٥ م) فَلَا حَاجَة لنا إِلَى أَن نكرر الْعبارَات مرّة أُخْرَى.
وَلَكِن قبل أَن نَعْرِف كتاب أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام يجب أَن نعين مقَامه بَين مُؤَلَّفِي معاجم هَذَا النَّوْع، فَلَا بُد من نقل مَا ذكر ابْن النديم من أَوَائِل المؤلفين الَّذين ألفوا حول غَرِيب الحَدِيث قبيل أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام، وهم على قَول ابْن النديم:
١ - النَّضر بن شُمَيْل (م ٢٠٣ هـ) .
٢ - قطرب (م ٢٠٦ هـ) .
٣ - أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى (م ٢٠٩ هـ) .
٤ - أَبُو زيد (م ٢١٥ هـ) .
٥ - عبد الْملك بن قريب الاصمعي (م ٢١٦ هـ) .
٦ - أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام (م ٢٢٤ هـ) .
المقدمة / 4
وَلَو لم يصل إِلَيْنَا من هَذِه الْكتب غير كتاب أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام لَكِنَّهَا وصلت إِلَى الْخطابِيّ كَمَا يظْهر من قَوْله التالى الذى يجدر بِالذكر لكى نَعْرِف نوعية هَذِه الْكتب ومبلغ أَثَرهَا فِيمَا الف فِي العصور التالية فَقَالَ الخطابى فِي كِتَابه (١) مِنْهَا كتاب أَبى عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى وَكتاب ينْسب إِلَى الاصمعي يَقع فِي وَرَقَات مَعْدُودَة وَكتاب مُحَمَّد بن المستنير الذى يعرف بقطرب وَكتاب النَّضر بن شُمَيْل وَكتاب إِبْرَاهِيم ابْن إِسْحَاق الحربى وَكتاب أَبى معَاذ صَاحب الْقرَاءَات وَكتاب شمر بن حَمْدَوَيْه وَكتاب الباحدانى (كَذَا) وَكتاب آخر ينْسب إِلَى رجل يعرف بِأَحْمَد بن الْحُسَيْن الكندى، إِلَّا أَن هَذِه الْكتب على كَثْرَة عَددهَا إِذا حصلت كَانَ مآلها إِلَى الْكتاب كالكتاب الْوَاحِد إِذْ كَانَ مصنفوها لم يقصدوا بهَا مَذْهَب التَّعَاقُب كصنيع القتيبي فِي كِتَابه، إِنَّمَا سبيلهم فِيهَا أَن يتوالوا على الحَدِيث فيعتوروه فِيمَا بَينهم ثمَّ يتبارون فِي تَفْسِير يدْخل بَعضهم على بعض، وَلم يكن من شَرط الْمَسْبُوق مِنْهُم أَن يفرج للسابق عَمَّا أحذره وَأَن يقتضب الْكَلَام فِي شئ لم يُفَسر قبله على شاكلة مَذْهَب ابْن قُتَيْبَة وصنيعة فِي كِتَابه الذى عقب بِهِ كتاب أَبى عبيد ثمَّ إِنَّه لَيْسَ لوَاحِد من هَذِه الْكتب الَّتِى ذَكرنَاهَا أَن يكون شئ مِنْهَا على منهاج كتاب أَبى عبيد فِي بَيَان اللَّفْظ وَصِحَّة الْمَعْنى وجودة الاستنباط وَكَثْرَة الْفِقْه وَلَا أَن يكون من شرح كتاب ابْن قُتَيْبَة فِي إشباع التَّفْسِير وإيراد الْحجَّة وَذكر النَّظَائِر والتخليص للمعانى، إِنَّمَا هِيَ أَو عامتها إِذا انقسمت وَقعت
_________
(١) غَرِيب الحَدِيث للخطابي ق ٢.
المقدمة / 5
بَين مقصر لاموره فِي كِتَابه إِلَّا أطرافا وسواقط من الحَدِيث ثمَّ لَا يوفيها حَقّهَا من إشباع التَّفْسِير، وإيضاح الْمَعْنى وَبَين مطيل يسْرد الاحاديث الْمَشْهُورَة الَّتِى لَا يكَاد يشكل مِنْهَا شئ ثمَّ يتَكَلَّف تَفْسِيرهَا ويطنب فِيهَا وفى بعض هَذِه الْكتب خلل من جِهَة التَّفْسِير وَفِي بَعْضهَا أَحَادِيث مُنكرَة لَا تدخل فِي شَرط مَا انشئت لَهُ هَذِه الْكتب ... وَلابْن الانباري من وَرَاء هَذِه الْكتب مَذْهَب حسن فِي تَخْرِيج الحَدِيث وَتَفْسِيره، وَقد تكلم على أَحَادِيث مَعْدُودَة وَقع إِلَى بَعْضهَا وعامتها مفسرة قبل إِلَّا أَنه قد زَاد عَلَيْهَا وَأفَاد وَله استدراكات على ابْن تقيبة فِي مَوَاضِع من الحَدِيث ".
وَقَالَ الخطابى أَيْضا " وَكَانَ أول من سبق إِلَيْهِ وَدلّ من بعده عَلَيْهِ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فانه قد انتظم بتصنيفه عَامَّة مَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِيره من مشاهير غَرِيب الحَدِيث وَصَارَ كِتَابه إِمَامًا لاهل الحَدِيث بِهِ يتذاكرون وَإِلَيْهِ يتحاكمون، ثمَّ انتهج نهجه أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُسلم بن قُتَيْبَة فتتبع مَا أغفله أَبُو عبيد من ذَلِك وَألف فِيهِ كتاب لم يأب أَن يبلغ بِهِ شأو المبرز الشائق، وَبقيت بعدهمَا صبَابَة لِلْقَوْلِ ".
وفى هذَيْن الْقَوْلَيْنِ للخطابي كِفَايَة لتعيين مقَام أَبى عبيد وَكتابه فِي آدَاب غَرِيب الحَدِيث لَان الْقَاسِم بن سَلام لم يكن إِمَامًا لاهل الحَدِيث عِنْد معاصريه فَحسب، بل كَانَ أَيْضا أول من سبق إِلَى تصنيف غَرِيب الحَدِيث بمقدرة تَامَّة فِي بَيَان اللَّفْظ وَصِحَّة الْمَعْنى وجودة الاستنباط وَكَثْرَة الْفِقْه وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن تأليف أَبى عبيد يجمع غرائب الحَدِيث مَعَ نَوَادِر الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة المفيدة، ولكونه محتويا على كثير من غرائب الحَدِيث
المقدمة / 6
وَمَا يتَعَلَّق بهَا ومشتملا على نتائج الْبَحْث المستقصى الذى امْتَدَّ لمُدَّة أَرْبَعِينَ سنة من عمر الْمُؤلف بقى الْكتاب مرجعا مُنْفَردا فِي غَرِيب للمتأخرين إِلَى أَن جَاءَ ابْن تقيبة (م ٢٧٦ هـ) والخطابي (م ٣٨٨ هـ) اللَّذَان اجتهدا فِي جمع مَا فَاتَ أَبَا عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَلَو اعْترف ابْن قُتَيْبَة أَن الاول لم يتْرك للاخر شَيْئا ".
حَيَاة الْمُؤلف فَصَاحب هَذِه الْفَضَائِل والمؤلف الْجَلِيل هَذَا هُوَ أَبُو عبيد الْقَاسِم ابْن سَلام الْهَرَوِيّ الازدي خزاعي بِالْوَلَاءِ وخراساني وبغدادي بِالنِّسْبَةِ.
كَانَ أَبوهُ روميا مَمْلُوكا لرجل لرجل من أهل هراة وَكَانَ من موالى الازد، ولد أَبُو عبيد بهراة فِي سنة إربع وَخمسين وَمِائَة على قَوَّال أَبى بكر الزبيدِيّ فِي كتاب التقريظ، وفى سنة سبع وَخمسين وَمِائَة على قَول الزركلي.
طلب أَبُو عبيد الْعلم وَسمع الحَدِيث وَنظر فِي الْفِقْه والادب، واشتغل بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْه والادب والقراءات وأصناف عُلُوم الاسلام، وَكَانَ دينا ورعا حسن الرِّوَايَة صَحِيح النَّقْل وَلم يطعن أحد فِي شئ من دينه.
أَخذ أَبُو عبيد الادب عَن أكَابِر أدباء عصره أَمْثَال أَبى زيد الانصاري وأبى عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى والاصمعى وأبى مُحَمَّد اليزيدي وَغَيرهم من الْبَصرِيين، وروى عَن ابْن الاعرابي وأبى زِيَاد الْكلابِي وَيحيى بن سعيد الاموى وأبى عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَالْفراء وَالْكسَائِيّ ولاحمر من الْكُوفِيّين.
وروى النَّاس من كتبه المصنفة بضعَة وَعشْرين كتابا فِي الْقرَان وَالْفِقْه واللغة والْحَدِيث، ويحكى أَن سَلاما خرج يَوْمًا وَأَبُو عبيد مَعَ ابْن مَوْلَاهُ فِي الْكتاب، فَقَالَ للمعلم: علم الْقَاسِم فانه كيس (انْظُر تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤٠٣) .
وَقَالَ السبكى فِي الطَّبَقَات ١ / ٢٧٠: قَرَأَ الْقرَان على الْكسَائي وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وشجاع
المقدمة / 7
ابْن أَبى نصر وَسمع الحَدِيث من إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وهشيم
ابْن بشير وَشريك بن عبد الله وَهُوَ أكبر شُيُوخه وَمن عبد الله بن الْمُبَارك وأبى بكر بن عَيَّاش وَجَرِير بن عبد الحميد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وخلائق آخِرهم موتا هِشَام بن عمار، وروى عَنهُ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، ووكيع وَأَبُو بكر ابْن أَبى الدُّنْيَا وعباس الدوري والْحَارث بن أَبى أُسَامَة وعَلى بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وَأحمد بن يحيى البلاذري الْكَاتِب والاخرين، وتفقه على الشَّافِعِي وتناظر مَعَه فِي الْقُرْء هَل هُوَ حيض أَو طهر إِلَى أَن رَجَعَ كل مِنْهُمَا إِلَى مَا قَالَه الاخر، وَذكر أَن الشَّافِعِي أَو أَبَا عبيد رحمهمَا الله تناظرا فِي القر فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول إِنَّه الْحيض، وَأَبُو عبيد رحمهمَا الله تناظرا فِي الْقُرْء فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول إِنَّه الْحيض وَأَبُو عبيد يَقُول إِنَّه الطُّهْر، فَلم يزل كل مِنْهُمَا يُقرر قَوْله حَتَّى تفَرقا وَقد انتحل كل وَاحِد مِنْهُمَا مَذْهَب صَاحبه وتأثر بِمَا أوردهُ من الْحجَج والشواهد، وَإِن صحت هَذِه الْحِكَايَة فَفِيهَا دلَالَة على عَظمَة أَبى عبيد، وَلَو رَجَعَ الشَّافِعِي إِلَى قَوْله فَهُوَ يدل على مقدرته العلمية وَصِحَّة استنباطه الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة.
وَذكر أَبُو الْفَلاح عبد الحى بن الْعِمَاد الحنبلى فِي شذرات الذَّهَب ٢ / ٥٤ " قَالَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: الْحق يجب لله، أَبُو عبيد أفقه منى وَأعلم، وَقَالَ أَحْمد: أَبُو عبيد أستاذ، ... وَقَالَ هِلَال بن الْعَلَاء الرقى: من الله سُبْحَانَهُ على هَذِه الامة بأَرْبعَة فِي زمانهم: الشَّافِعِي ولولاه مَا تفقه النَّاس فِي حَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، وَأحمد ولولاه ابتدع النَّاس وَيحيى بن معِين نفى الْكَذِب عَن رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، وأبى عبيد فسر غَرِيب الحَدِيث ولولاه اقتحم النَّاس الْخَطَأ ".
وَقَالَ أَبُو عبد الله
المقدمة / 8
ابْن طَاهِر: عُلَمَاء الاسلام أَرْبَعَة: عبد الله بن عَبَّاس فِي زَمَانه.
والشعبى فِي
زَمَانه، وَالقَاسِم بن عَمَّن فِي زَمَانه، وإبو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي زَمَانه، (انْظُر مُعْجم الادباء لياقوت ١٦ / ٢٥٧) .
سُئِلَ أَبُو قدامَة عَن الشَّافِعِي وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق وأبى عبيد فَقَالَ: أما أفهمهم فالشافعى إِلَّا أَنه قَلِيل الحَدِيث، وَأما أورعهم فَأَحْمَد بن حَنْبَل، وَأما أحفظهم فاسحاق، وَأما أعلمهم بلغات الْعَرَب فَأَبُو عبيد، وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي: أَبُو عبيد أَو سمعنَا علما وأكثرنا أدبا وأجمعنا جمعا، إِنَّا نحتاج إِلَيْهِ وَأَبُو عبيد لَا يحْتَاج إِلَيْنَا، وَقَالَ أَيْضا: إِن الله لَا يستحيى من الْحق، أَبُو عبيد أعلم منى وَمن ابْن حَنْبَل وَالشَّافِعِيّ، وَقَالَ ثَعْلَب: لَو كَانَ أَبُو عبيد فِي بنى إِسْرَائِيل لَكَانَ عجبا، (تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤٠٤)، وَتَوَلَّى أَبُو عبيد قَضَاء طرسوس ثمانى عشرَة سنة إيام ثَابت بن نصر بن مَالك، وَكَانَ يقسم اللَّيْل أَثلَاثًا صَلَاة ونوما وتصنيفا، وَكَانَ أَحْمَر الرَّأْس واللحية، يخضب بِالْحِنَّاءِ.
مصنفاته) ألف أَبُو عبيد بضعَة وَعشْرين كتابا، وَله من التصانيف كَمَا قَالَ ابْن النديم فِي فهرسته: غَرِيب المُصَنّف، غَرِيب الْقُرْآن، غَرِيب الحَدِيث مَعَاني الْقرَان، كتاب الشُّعَرَاء، الْمَقْصُور والممدود الْقرَاءَات الْمَذْكُور والمؤنث كتاب النّسَب، كتاب الاحداث، أدب القاضى، عدد آى الْقُرْآن، الايمان وَالنُّذُور، كتاب الْحيض، كتاب الطَّهَارَة الْحجر، والتفليس، كتاب الاموال، الامثال السائرة، النَّاسِخ والمنسوخ، فَضَائِل الْقُرْآن، وَله غير ذَلِك من الْكتب الْفِقْهِيَّة، وَلَكِن لم يصل إِلَيْنَا مِنْهَا إِلَّا غَرِيب الحَدِيث وغريب المُصَنّف وَكتاب الاموال وَكتاب فَضَائِل الْقُرْآن وَكتاب الامثال السائرة.
المقدمة / 9
وطبع جَمِيع هَذِه الْكتب غير غَرِيب الحَدِيث الذى وقف أَبُو عبيد حَيَاته فِي جمعه وترتيبه مُدَّة عمره وَلذَلِك اهتمت دَائِرَة المعارف بطبع موسوعة
عَظِيمَة هَذِه لاول مرّة.
وَكَانَ أَبُو عبيد إِذا ألف كتاب أهداه إِلَى عبد الله بن طَاهِر، فَيحمل إِلَيْهِ مَالا جزيلا اسْتِحْسَانًا لذَلِك، فَلَمَّا صنف غَرِيب الحَدِيث أهداه إِلَيْهِ كعادته، فَقَالَ ابْن طَاهِر، إِن عقلا بعث صَاحبه على عمل هَذَا الْكتاب لحقيق إِلَّا يحوج إِلَى طلب معاش، وأجرى لَهُ فِي كل شهر عشرَة آلَاف دِرْهَم.
وسَمعه مِنْهُ يحيى بن معِين: وَكَانَ دينا ورعا جوادا، ويروى عَن ورعه حِكَايَة نادرة فَقيل إِنَّمَا سير أَبُو دلف الْقَاسِم بن عِيسَى إِلَى عبد الله بن طَاهِر يستهدى مِنْهُ أَبَا عبيد مُدَّة شَهْرَيْن فأنفذه، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَاف وَصله أَبُو دلف بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَلم يقبلهَا وَقَالَ: أَنا فِي جنبه رجل لَا يحوجني إِلَى غير فَلَمَّا عَاد أَمر لَهُ ابْن طَاهِر بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار، فاشتهري بهَا سِلَاحا وَجعله للثغر، وَخرج إِلَى مَكَّة مجاورا فِي سنة أَربع عشرَة مِائَتَيْنِ فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة ٢٢٤ هـ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: مكثت فِي تصنيف هَذَا الْكتاب أَرْبَعِينَ سنة، وَرُبمَا كنت أستفيد الْفَائِدَة من أفواة الرِّجَال فأضعها فِي موضعهَا من الْكتاب، فأبيت ساهرا فَرحا منى بِتِلْكَ الْفَائِدَة، (الوفيات ٣ / ٢٢٥)، فَيظْهر من هَذِه الرِّوَايَة أَن أَبَا عبيد كَانَ يجل أَمر الحَدِيث ويعظمه إِلَى حد أَنه كَانَ يعد جمع الحَدِيث ونوادره من الْعِبَادَات وَلذَلِك جعله من أعظم أشاغله العلمية، وَيُؤَيّد قَوْلنَا هَذَا مَا ورد عَن اهتمامه بغريب الحَدِيث.
المقدمة / 10
فَقيل كَانَ طَاهِر بن عبد الله يود أَن يَأْتِيهِ أَبُو عبيد ليسمع مِنْهُ كتاب غَرِيب الحَدِيث فِي منزله، فَلم يفعل إجلالا لحَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، فَكَانَ هُوَ يَأْتِي إِلَيْهِ، وَقدم على بن المدينى وعباس الْعَنْبَري فأرادا أَن يسمعنا غَرِيب الحَدِيث، فَكَانَ يحمل كل يَوْم كِتَابه ويأتيهما
فِي منزلهما فيحدثهما فِيهِ إجلالا لعلمهما، وَهَذِه شِيمَة شريفة، رحم الله أَبَا عبيد! وَذكر الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤٠٧ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن على ابْن المدينى قَالَ: سَمِعت أَبى يَقُول: خرج أَبى إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل يعودهُ وَأَنا مَعَه، قَالَ: فَدخل أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فَقَالَ لَهُ يحيى بن معِين: اقْرَأ علينا كتابك الذى عملته لِلْمَأْمُونِ فِي غَرِيب الحَدِيث، فَقَالَ: هاتوه، فجاوأ بِالْكتاب فَأَخذه أَبُو عبيد فَجعل يبدء يقْرَأ الْأَسَانِيد ويدع تَفْسِير الْغَرِيب، قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبى: يَا أَبَا عبيد! دَعْنَا من الْأَسَانِيد نَحن أحذق بهَا مِنْك، فَقَالَ يحيى بن معِين لعلى بن المدينى: دَعه يقْرَأ على الْوَجْه فان ابْنك مُحَمَّدًا مَعَك، وَنحن نحتاج إِلَى أَن نَسْمَعهُ على الْوَجْه، فَقَالَ أَبُو عبيد: مَا قرأته إِلَّا على الْمَأْمُون فان أَحْبَبْتُم أَن تقرؤه فاقرؤه، قَالَ فَقَالَ لَهُ على بن المدينى: إِن قرأته علينا أولى وَإِلَّا فَلَا حَاجَة لنا فِيهِ - وَلم يعرف أَبُو عبيد على بن المدينى - فَقَالَ ليحيى بن معِين: من هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا على بن المدينى، فَالْتَزمهُ وقرأه علينا، فَمن حضر ذَلِك الْمجْلس جَازَ أَن يَقُول " حَدثنَا " وَغير ذَلِك فَلَا يَقُول.
وَفَاته
روى أَن أَبَا عبيد قدم مَكَّة حَاجا، فَلَمَّا قضى حجه وَأَرَادَ الِانْصِرَاف
المقدمة / 11
اكترى الدَّوَابّ إِلَى الْعرَاق ليخرج صَبِيحَة الْغَد، قَالَ أَبُو عبيد، فَرَأَيْت النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رُؤْيَايَ وَهُوَ جَالس على فرَاشه ووعلى رَأسه قوم يحجبونه، وَالنَّاس يدْخلُونَ إِلَيْهِ ويسلمون عَلَيْهِ ويصافحونه، قَالَ: فَلَمَّا دنون لادخل مَعَ النس منعت، فَقلت لَهُم: لم لَا تخلون بينى وَبَين رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالُوا: إى وَالله! لَا تدخل إِلَيْهِ وَلَا تسلم عَلَيْهِ وَأَنت خَارج غَدا إِلَى الْعرَاق، فَقلت لَهُم: إنى لاأخرج إِذا، فَأخذُوا عهدي ثمَّ خلوا بينى وَبَين رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، فَدخلت وسلمت وصافحت، فَلَمَّا أصبح فاسخ كريه وَسكن مَكَّة حَتَّى
مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَدفن فِي دور جَعْفَر.
وعاش ثَلَاثًا وَسبعين سنة، وَقَالَ الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤١٦ / بَلغنِي أَنه بلغ سبعا وَسِتِّينَ سنة.
وَقَالَ عبد الله بن طَاهِر فِي مرثيته (١):
يَا طَالب الْعلم قد مَاتَ ابْن سَلام ... وَكَانَ فَارس علم غير محجام
كَانَ الذى كَانَ فِيكُم ربع أَرْبَعَة ... لم نلق مثلهم إستار أَحْكَام
وفى تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤٠٧ " أول من سمع هَذَا الْكتاب من أَبى عبيد يحيى بن معِين وَعرض هَذَا الْكتاب على أَحْمد بن حَنْبَل فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ: جزاه الله خيرا، وَكتب أَحْمد كتاب غَرِيب الحَدِيث الذى أَلفه أَبُو عبيد أَولا ".
والنسخ الَّتِى بَين أَيْدِينَا تدل على أَنَّهَا رويت عَن على بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ (الْمُتَوفَّى سنة ٢٨٧ هـ) صَاحب أَبى عبيد.
_________
(١) مُعْجم الادباء ١٦ / ٢٥٧، تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤١٢، إنباه الروَاة ٣ / ٢٠.
المقدمة / 12
انتهينا إِلَى آخر حَيَاة الْمُؤلف وَمَا يتَعَلَّق بِهِ فَليرْجع إِلَى وصف النّسخ: نسخ غَرِيب الحَدِيث أما النّسخ الَّتِى استعملناها فِي تَصْحِيح هَذَا الْكتاب فهى أَربع ووصفها كَمَا يلى: ١ - صُورَة عكسية لنسخة مكتبة الْمدرسَة المحمدية بمدراس (الْهِنْد) .
وهى فِي الجزءين جمعت فِي الْجُزْء الاول أَحَادِيث النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ وَسلم، وفى الثَّانِي آثَار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، الْجَزَاء الاول من ورقة ١ إِلَى ٩٠ / ألف، والثانى يَبْتَدِئ من ٩٠ / ب وينتهى إِلَى ١٣٨ / ألف.
عدد الاسطر فِي الصفحة الْوَاحِدَة ٢٥، بِخَط نسخ جيد، عناوين الاحاديث مَكْتُوبَة بِخَط جلى، وَلم يُلَاحظ الْكَاتِب بَيَان الْفَصْل بَين
الاحاديث وَشَرحهَا، وَأَيْضًا لم يُمَيّز الشّعْر من النثر، وَكَذَا بَينا لشطرين إِلَّا أَن فِي انْتِهَاء الْبَيْت فِي هَذِه النُّسْخَة عَلامَة (هـ)، شكل الْكَاتِب بالحركات ألفاظا عديدة، والصفحة الاخيرة من الورقة الاخيرة مطموسة، والعبارة على صدر الورقي الاول كَمَا يلى: " الْجُزْء الاول من جزءين من كتاب غَرِيب الحَدِيث حَدِيث رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم تأليف أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام ﵀ رِوَايَة أَبى الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الاشنهى مَحْذُوف الاسانيد " وفى آخر الْجُزْء الاول مَا لَفظه: " تمت أَحَادِيث النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْلِيمًا "، فرغ من أَثَرهَا فِي (شهر) جُمَادَى الاخر من شهور اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة.
ويتلوه.
المقدمة / 13
الْجُزْء الثَّانِي من أَحَادِيث الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضى الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ".
وفى انْتِهَاء الجزأ الثَّانِي مَا نَصه: " تمّ كتاب غَرِيب الحَدِيث وَالْحَمْد لله وَحده، وَصلى الله عَلَيْهِ سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم، تمّ الْفَرَاغ من نساخة (كَذَا) هَذَا الْكتاب الْمُبَارك فِي شهر رَجَب من شهور اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة ".
هَذِه النُّسْخَة كَامِلَة إِلَّا أَنَّهَا محذوفة الاسانيد، وَبَعض أَلْفَاظ الحَدِيث المروية عَن عَليّ ﵁ شرحها فِي هَذِه النُّسْخَة بِأَلْفَاظ وجيزة مَعَ أَن فِي النّسخ الاخرى زِيَادَة عَلَيْهَا، وَقد سقط مِنْهَا حَدِيث وَاحِد مَعَ شَرحه عَن رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَسَلَمَة بن الاكوع رحمهمَا الله فزدناهما عَن النّسخ الاخرى.
قد نقلهَا الْكَاتِب عَن نُسْخَة رويت عَن قَرَأَهَا على أَبى الطّيب طَاهِر ابْن يحيى بن أبي الْخَيْر العمراني (الْمُتَوفَّى ٥٨٧)، وَكتب الاسناد فِيهَا مبتدئا من هَذَا الراوى منتهيا إِلَى أَبى عبيد بتسع دَرَجَات.
(وَقد بَينا أَحْوَال الروَاة بِهَامِش المطبوع مفصلة) .
وَلم يذكر الْكَاتِب فِيهَا اسْمه وَلَا اسْم الراوى الذى رَوَاهَا عَن أَبى الطّيب وَلَا خَاتِمَة كِتَابَته، وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن أَكثر النّسخ الَّتِى وصلت إِلَيْنَا رويت عَن على بن عبد الْعَزِيز رَاوِي أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَلم تتيسر لنا نُسْخَة كَامِلَة سوى هَذِه النُّسْخَة، لذَلِك جعلناها أساسا للتصحيح وأشرنا إِلَيْهَا فِي حل رموز الْجُزْء الاول والثانى من المطبوع ب " نُسْخَة المكتبة السعيدية " مَعَ أَن الامر لَيْسَ كَذَلِك لَان الدكتور مُحَمَّد غوث نَاظر المكتبة المحمدية أخبرنَا بعد طبع الجزءين من
المقدمة / 14
الْكتاب أَن هَذِه النُّسْخَة استعيرت حَقِيقَة من المكتبة المحمدية وأودعت فِي الْمكتب السعيدية ثمَّ استردت، وَيدل عَلَيْهِ اختم الْمُثبت على هَذَا النُّسْخَة إِذْ فِيهِ: " مدرسة محمدى مِدْرَاس ١٣٠٩ ".
فليصحح هُنَاكَ.
٢ - أما الثَّانِيَة فهى أَيْضا عكس نُسْخَة المكتبة الرامفورية (٩٠١) Gatl.
No هَذِه النخسة مُشْتَمِلَة على تِسْعَة أَجزَاء، وأوراقها ٢٦٢، فِي كل صفحة ٢١ سطرا، كتَابَتهَا أَيْضا جَيِّدَة بِخَط نسخ، عناوين لاحاديث جلية، وَلم يُلَاحظ كاتبها الْفَصْل وَالْبَيَان بَين الاحاديث وَالشَّرْح والاشعار.
وشكل قَلِيل من اللالفظا بالحركات.
وعَلى الورقة الاولى الْعبارَة التالية: " هَذَا كتاب، تِسْعَة أَجزَاء من غَرِيب الحَدِيث عَن أَبى عبيد الْقَاسِم ابْن سَلام من رِوَايَة على بن عبد الْعَزِيز عَن إبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام من غَرِيب الحَدِيث ".
بعض الاوراق الابتدائية سَاقِطَة كَمَا حرر على الصفحة الَّتِى ابتدأت مِنْهَا النُّسْخَة: " نَاقص من أَوله نَحْو خمس أوراق بِقَرِينَة الاجزاء الاخر، وَعَسَى الله أَن يمن بنسخة نَشُمُّ مِنْهَا هَذِه النُّسْخَة حَتَّى يكمل بهَا الِانْتِفَاع إِن شَاءَ الله تَعَالَى ".
(انْظُر ١ / ٨٧ من المطبوع) .
وَقد أكملها رجل عَن نُسْخَة رويت عَمَّن رَوَاهَا بن الرواويين عَن الْمُؤلف.
وَقد روى النُّسْخَة الاولى دعْلج بن أَحْمد عَن على بن عبد الْعَزِيز تلميذ أَبى عبيد، وروى هَذِه النُّسْخَة أَحْمد بن حَمَّاد عَن على بن عبد الْعَزِيز قِرَاءَة عَلَيْهِ.
(وَلم أر فِي تَرْجَمَة على بن عبد الْعَزِيز فِي تذكرة الْحفاظ وَلَا فِي مُعْجم الادباء ذكر تلميذ لَهُ اسْمه أَحْمد بن حَمَّاد) .
المقدمة / 15
لَا ندرى سنة كتَابَتهَا وَلَا اسْم كاتبها لَان القطة الاخيرة أَيْضا سَاقِطَة مِنْهَا.
وفى الْوَرق الاخير (٢٦١ / ب) الْعبارَة التالى: " هَذِه آخر ورقة فِي هَذَا الْكتاب وربطت هُنَا غليظا من الملجد فَليعلم ذَلِك، وإظن أَنه لم يبْق بعْدهَا إِلَّا قَلِيل نَحْو ورقة إو ورقتين، وَعَسَى الله أَن يمن بنسخة نتم مِنْهَا ".
٣ - النُّسْخَة الثَّالِثَة هِيَ عكس نُسْخَة ليدن Bibliotheca Acgdemiae Lugduno - Batava ٢٩٨ Cod، or هَذِه النُّسْخَة بقلم مغربي، أَكثر عبارتها مشكة، وكل حَدِيث يبتديأ بسطر جَدِيد، ميز كَاتبه الاشعار بسطر على حِدة، وَلَكِن أوراقها كَانَت منتشرة غير مرتبَة، وكطر أوراقها غير مَوْجُودَة أَيْضا، جَمِيع أوراق النُّسْخَة
٢٣٧ وفى كل صفحة ٢٦ سطرا.
تبتدئ هَذِه النُّسْخَة من الْجُزْء التَّاسِع وتنتهى إِلَى الْجُزْء الْعشْرين، وَلَيْسَ فِيهَا الْجُزْء الْخَامِس عشر، وَيعلم بهَا أَن كاتبها وزعها على عشْرين جُزْءا.
وفى آخر النُّسْخَة مَا لَفظه: " آخر الْكتاب، صلى الله عَلَيْهِ مُحَمَّد وَسلم كثيرا، فرغ مِنْهُ فِي ذى الْقعدَة من سنة ثِنْتَيْنِ، وَخمسين وَمِائَتَيْنِ ".
فهى أقدم نُسْخَة وصلت إِلَيْنَا لانها كتبت بعد ثمانى وَعشْرين سنة فَقَط أقدم نُسْخَة وصلت إِلَيْنَا لانها كتبت بعد ثمانى وَعشْرين سنة فَقَط من وَفَاة الْمُؤلف، مَعَ أَن صِحَّتهَا وقدامتها ظاهرتان من تَارِيخ كتَابَتهَا لَكِن استفدنا مِنْهَا بعد جد وَجهد على قدر المستطاع لانها مشوشة غير مرتبَة.
المقدمة / 16
٤ - النُّسْخَة الرَّابِعَة هِيَ عكس نُسْخَة جَامِعَة الازهر بِمصْر، كتب فِي فهرس المخطوطات المصورة ج ١ ص ٨٨ فِي شَأْنهَا: " نُسْخَة عَلَيْهَا سماعات لبَعض الْعلمَاء مِنْهُم ابْن أَبى شامة مؤرخ ٧١١ (الازهر ٢٩٦) ١٦٥٧٠٥ - حَدِيث ١٤٦ ق، ١٨ ب ٢٩ سم) ".
هَذِه النُّسْخَة فِي الْخط الْمُعْتَاد، والمتازت بِأَنَّهَا مشكة بالحركات من الاول إِلَى الاخر، وهى تبتدئ من أثْنَاء أَحَادِيث عمر رضى الله عَنهُ إِلَى آخرهَا، وفى كل صفحة نَحْو ٢١ طرا، فهى أَيْضا نَاقِصَة، وفى آخرهَا: " وَفرغ من نُسْخَة (كَذَا) فِي الْمحرم سنة إِحْدَى عشرَة، وثلاثمائة وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل ".
وَلَا خيفى أَن رِوَايَات الحَدِيث جمعت فِي النّسخ كلهَا سوى الاولى، وَلَا فرق بَين أسايند النّسخ إِلَّا أَن الْكَاتِب كتب اسْم الراوى غَلطا فِي بعض الْمَوَاضِع، لَعَلَّ هَذَا من زلَّة الْقَلَم وصححناه من كتب الرِّجَال كالتهذيب ولسان الْمِيزَان والاصابة وَتَذْكِرَة الْحفاظ وَغَيرهَا.
التَّصْحِيح وَالتَّعْلِيق لكَون سنة المكتبة المحمدية كَامِلَة وافية جعلناها أساسا وقابلناها بالنسخ الاخر، ثمَّ خرجنَا الاحاديث المكذورة فِيهَا عَن " مُعْجم أَلْفَاظ الحَدِيث "، ثمَّ صححنا متن الْكتاب بِحَسب الوسع والامكان، وراجعنا الاشعار والامثال الَّتِى وجدناها فِي هَذَا الْكتاب وطلبنا مآخذها من الدَّوَاوِين الْمَشْهُورَة الْمَوْجُودَة وَكتب اللُّغَة والامثال، وَبينا الِاخْتِلَاف أَيْنَمَا وجد وزدنا البحور، وَأما الْحَوَاشِي الْمَوْجُودَة بِهَامِش الاصل والمأخوذة من شمس الْعُلُوم وغيهرا من الْكتب فراجعنا لَهَا الاصول.
المقدمة / 17
أما الامور الَّتِى تَركهَا أَبُو عبيد بصدد شرح الالفاظ وَكَانَ قد شرحها الْعَلامَة الزَّمَخْشَرِيّ والخطابى وَابْن الاثير فِي كتبهمْ ومصنفاتهم فزدنا نَحن هَذِه الْفَوَائِد فِي الذيل، وَكَذَلِكَ الايرادات الَّتِى جَاءَ بهَا ابْن قُتَيْبَة فِي نقد شرح أَبى عبيد فِي كِتَابه " إصْلَاح الْغَلَط " أضفناها أَيْضا فِي هَذِه الْكتاب وَبينا أَيْضا شرح اللُّغَات من كتاب " المغيث " لابي مُوسَى المدينى لَا مزِيد الْفَائِدَة.
وسيخرج هَذَا الْكتاب بعون الله سُبْحَانَهُ فِي أَربع مجلدات يلْحق بهَا فِي الاخر الفهارس التالية: ١ - فهرس الالفاظ اللُّغَوِيَّة مرتبَة على حُرُوف الهجاء ٢ - فهرس الابحاث اللُّغَوِيَّة والنحوية والمسائل الْفِقْهِيَّة.
٣ - فهرس الاشعار والقوافي والبحور وَأَسْمَاء الشُّعَرَاء.
٤ - فهرس الامثال.
٥ - فهرس الاعلام والقبائل.
٦ - فهرس الامكنة.
٧ - فهرس الْكتب.
وَلَا يفوتنى أَن أشر صَاحب الْفَضِيلَة مدير الدائرة الدكتور
مُحَمَّد عبد المعيد خَان رَئِيس آدَاب اللُّغَة الْعَرَبيَّة بالجامعة العثمانية الذى تَحت إشرافه ومراقبته اسْتَطَعْت أَن أصحح هَذَا السّفر الْجَلِيل وأعلق عَلَيْهِ، فأشكره شكرا جزيلا على مَا أنعم على بارشاده إِلَى عوامل التَّصْحِيح والتنقيح، وَأَيْضًا قد صحّح ونقح أغلوطاتى وسقطاتى بل شاركني فِي التَّصْحِيح وَالتَّعْلِيق من أول الْكتاب إِلَى آخِره، فَشكر الله سَعْيه وَلَا يحرمنا من فيضه وفضله
المقدمة / 18
وَكَذَلِكَ أوجه الثَّنَاء الْجَمِيل إِلَى سَعَادَة الدكتور الْمَوْصُوف حَيْثُ أَنه أمدنى بعنايته وتوجهاته إِلَى تَقْيِيد الاوزان الشعرية، وتصحيحاتها.
وأشكر عُلَمَاء الدائرة والمصحيحن والمصححين الَّذين ساعدوني فِي تَصْحِيح مسودات الطَّبْع شكر الله مساعيهم.
وَالْحَمْد لله رب العلمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُوله الْكَرِيم وَآله وَأَصْحَابه أجميعن.
مُحَمَّد عَظِيم الدَّين (كَامِل الْفِقْه من الجامعة النظامية) مصحح دَائِرَة المعارف العثمانية حيدر آباد الدكن غرَّة شعْبَان الْمُعظم ١٣٨٥ هـ.
حل الرموز المستعملة فِي تعاليق المجلد الثَّانِي من غَرِيب الحَدِيث الاصل = مخطوطة غَرِيب الحَدِيث للمكتبة السعيدية ت = جَامع التِّرْمِذِيّ جه = سنَن ابْن مَاجَه حم = مُسْند الامام أَحْمد بن حَنْبَل ﵀
خَ = صَحِيح البُخَارِيّ د = سنَن أَبى دَاوُد دى = مُسْند الدَّارمِيّ ر = مخطوطة غَرِيب الحَدِيث للمكتبة الرامفورية ش = شمس الْعُلُوم لنشوان بن سعيد الْحِمْيَرِي (مخطوطة المكتبة الاصفية) ط = الموطء للامام مَالك ﵀ ل = مخطوطة غَرِيب الحَدِيث المحفوظة فِي ليدن م = صَحِيح مُسلم ن = سنَن النَّسَائِيّ
المقدمة / 19
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله وَحده وَبِه نستعين وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله وَسلم. أَخْبرنِي القَاضِي الْأَجَل أَبُو الطّيب طَاهِر بن يحيى بن أبي الْخَيْر العمراني قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ أَخْبرنِي أَبى يحيى بن أبي الْخَيْر ﵀ قِرَاءَة عَلَيْهِ غير مرّة قَالَ أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام زيد بن الْحسن الفائشي قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن المبلول قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ أخبرنَا الْفَقِيه أَبُو بكر مُحَمَّد بن مَنْصُور الشهرزوري قَالَ أخبرنَا
1 / 1