إلى اسكتلندا
نشأت ماري، ملكة اسكتلندا، في البلاط الفرنسي في الوقت الذي اشتهر فيه هذا البلاط بالمجون والفساد؛ فأثر عليها ذلك تأثيرا سيئا. وقد زفت إلى ولي عهد فرنسا، ابن هنري الثاني، قبل أن تبلغ السابعة عشرة من عمرها، وكان هو في الخامسة عشرة من عمره . وقد نقلت بمعاهدة الزواج تاج اسكتلندا إلى ملك فرنسا في حالة وفاتها دون ولد، ويقال: إن ماري كانت لا تميل إلى زوجها، بل إنها كانت تحتقره؛ نظرا لمرضه الذي ما لبث أن قضى عليه بعد عام واحد من توليه عرش فرنسا في عام 1559.
وفي نفس الوقت، توفيت في اسكتلندا الملكة الوالدة ماري جيز، فتولى الحكم نفر من النبلاء كثير التنازع؛ مما كان يستدعي ضرورة انتقال الملكة الصغيرة إلى هناك.
وانتقلت الملكة ماري من فرنسا إلى اسكتلندا وفي حاشيتها الشاعر الإيطالي ريزيو، الذي كان ينظم لها المديح وقصائد الغزل، ويغنيها لها على قيثارته بصوت جميل، وكانت الملكة تعجب بريزيو وأدبه وصوته وإخلاصه، كما كان هو أشبه بالكلب الأمين في ولائه لسيدته الملكة.
وبعد وصول الملكة إلى اسكتلندا بمدة قصيرة لاكت بعض الألسن اسمها مقرونا باسم أحد النبلاء الشجعان، وهو اللورد بوثول، وكان مشهورا بالدعابة والقوة. ولما كان من الضروري أن تتزوج الملكة حتى تجد إلى جانبها من يمكنها الاعتماد عليه في مهام الحكم، وتقضي على ما يشيع الناس عنها، فقد وقع اختيارها على اللورد دارنلي، ابن عمها وأول أصحاب الحق في عرش اسكتلندا وإنجلترا من بعدها.
مقتل ريزيو
وكان دارنلي رجلا ضعيف الخلق، كثير الغرور، شديد الوقاحة، ولكنها أرغمت على الزواج منه بعد أن أخفقت في محاولتها الزواج بنبيل إسباني هو الدوق كارلوس، وقد أقبل عليها في أول ليلة للزواج وهو سكران؛ فكرهته منذ ذلك الوقت.
وعرفت الملكة بعد ذلك أن زوجها يشترك مع الخارجين عليها في مؤامراتهم، فصممت على الانتقام منه. وفي إحدى الثورات التي شبت ضد حكمها قامت بنفسها على رأس الجيش، ومزقت شمل الثوار ثم عادت منتصرة دون أن يتحرك زوجها من مكانه، وكانت إذا قارنت صفات الزوج بصفات اللورد بوثول المقدام الشجاع المخلص اشتدت كراهيتها لدارنلي.
وكان دارنلي يشعر ببغض زوجته له، ويحاول إصلاح الأمور بينهما فلا يوفق، حتى انتهى الأمر بأن اعتقد أن مصدر البلاء هو ريزيو الإيطالي، وكان يرى الملكة وهي تقرب ريزيو إليها وتستشيره في كل شيء ، وتستقبله في مخدعها، وتتأثر لشعره وصوته فتتأجج نيران الغيرة في صدره.
ولما توهم أن ريزيو عشيق زوجته، وأنها تغلق بابها دونه من أجل هذا الشاعر صمم على قتله، وتآمر مع اللوردات موراي وروثفن ومورتون على تنفيذ ذلك، ونفذ عزمه فعلا في مساء يوم 9 مارس من عام 1566، فدخل على الملكة في قصر هوليرود وطعن ريزيو بسيفه، على مشهد من الملكة، طعنات قضت على حياته.
Página desconocida