الملوك والغرام
الملك إدوارد الثامن والمسز سمبسون
جلالة الملك كارول ومدام ماجدا لوبيسكو
الملك إسكندر الصربي ودراجا ماشين
هنري الثامن وزوجاته الست
الملكة فيكتوريا والغراندوق إسكندر
الملكة اليصابات واللورد روبرت ددلي
كليوباترا ومارك أنطوني
الملك إدوارد الرابع واليصابات جراي
ماري ملكة اسكتلندا واللورد بوثول
Página desconocida
جلالة الملك جورج السادس والملكة اليصابات
الملوك والغرام
الملك إدوارد الثامن والمسز سمبسون
جلالة الملك كارول ومدام ماجدا لوبيسكو
الملك إسكندر الصربي ودراجا ماشين
هنري الثامن وزوجاته الست
الملكة فيكتوريا والغراندوق إسكندر
الملكة اليصابات واللورد روبرت ددلي
كليوباترا ومارك أنطوني
الملك إدوارد الرابع واليصابات جراي
Página desconocida
ماري ملكة اسكتلندا واللورد بوثول
جلالة الملك جورج السادس والملكة اليصابات
غرام الملوك
غرام الملوك
تأليف
فرج جبران
الملوك والغرام
كان أجدادنا - رحمهم الله - يطلقون على الملوك لقب: «أنصاف الآلهة» بحجة أنهم بعيدون عن الخطأ والمعصية.
ولكن سلسلة طويلة من الحوادث وقعت لأنصاف الآلهة أثبتت أن أنصاف الآلهة لا يختلفون عن غيرهم من الناس، فكان أن سحب آباؤنا من الملوك لقب أنصاف الآلهة، وأطلقوا عليهم لقب «أصحاب الدم الأزرق».
والدم الأزرق - كما أفهمه أنا - هو الدم النقي المرشح الخالي من حرارة الاندفاع، البعيد عن تأثير العاطفة الجائحة؛ الدم الذي ينبع من العقل رأسا لا من القلب.
Página desconocida
ولكن سلسلة أخرى من الحوادث ليست آخرها حادثة الملك إدوارد الثامن والمسز سمبسون، ولا هي أولها، أثبتت لنا أن الدم الذي يجري في عروق الملوك والملكات لا يختلف عن الدم الذي يجري في عروقك وعروقي وعروق أي شخص آخر. بل قد يكون الملك أحيانا عرضة للاندفاع في عواطفه والتأثر بها أكثر مني ومنك برد فعل الحياة المحافظة المحاطة بآداب القصور، وتقاليدها العتيقة، وقوانينها الصارمة، وحدودها الضيقة.
وقد يكون الملك على حق في بعض الأحيان إذا بحث عن امرأة تعرف كيف تنسيه مسئولية الحكم ومشاغله، وتعرف إذا نادته باسمه مجردا كيف يكون لصوتها رنة محبوبة في نفسه، وتعرف كيف تتمنع عليه أحيانا، فيشعر باشتداد رغبته فيها وهو الذي يأمر فيطاع، ويطلب فيجاب.
وإذا كان الواحد منا يختار لنفسه المرأة التي يعتقد أن حياتها متممة لحياته بمحض إرادته، فإن الملك يشعر أحيانا بهذه الرغبة الملحة في حرية الاختيار، ولكنه يصطدم بمن ينبهه إلى واجبه القدسي، ويخبره أن زوجته ليست زوجته فقط، وإنما هي ملكة شعبه؛ فلا يجب أن يصم أذنه عن سماع صوت الشعب عند اختيار زوجته وملكة شعبه.
وقد جمع هذا الكتاب بعض ما وقع للملوك في غرامهم في السنوات الأخيرة وفي العصور القديمة، مستندا إلى أوثق المصادر التاريخية؛ لتقوم دليلا على أنه إذا كان بعض الملوك يملكون السيطرة على قلوب رعاياهم، فالقليل منهم من يملك السيطرة على قلبه هو.
المؤلف
ملك إنجلترا السابق إدوارد الثامن (دوق وندسور الحالي).
الملك إدوارد الثامن والمسز سمبسون
الميلاد
فكر المستر تيكل واليس وارفيلد وهو ينظر باضطراب إلى باب الغرفة المغلق وقال في نفسه: عسى أن يكون ولدا.
ثم أخذ يتمشى في الحجرة الخارجية ذهابا وجيئة، ونظر من النافذة يلتمس الهدوء من اضطرابه في منظر تلك القمم الزرقاء اللون التي كانت تحجب عنه الأفق، وكان الناس في الطريق يمرون أمام المنزل في مونتيرى دون أن يهتم أحدهم لشيء مما يجري في الداخل؛ فقد حضروا هم أيضا للاصطياف على حدود بنسلفانيا وميريلند بين الجبال، وكانت تغطي رءوس السيدات قبعات كبيرة الحجم يزينها الريش الطويل؛ إذ كانت هذه هي «موضة» القبعات في عام 1896.
Página desconocida
وفتح باب الغرفة المغلق فجأة، وأقبلت الممرضة وقد انفرجت شفتاها عن ابتسامة، وأشارت إلى المستر تيكل واليس وارفيلد بإصبعها تدعوه إليها، ثم قالت له بصوت منخفض لما اقترب منها: تعال لرؤية ابنتك.
فتاة! شعر تيكل واليس وارفيلد بخيبة أمل، ولكنها خيبة لم تدم طويلا؛ فإنه ما رأى ذلك الملاك الصغير في أرجوحته حتى شعر بالسعادة وبكى، وبدت زوجته - ولم تكن سنها تزيد عن ثمانية عشر عاما - جذابة على الرغم من شحوب وجهها. - أليس.
وأدارت الأم رأسها، ولكن الأب كان منشغلا بابنته التي أخذت في البكاء، وقال: ستصبح هذه السيدة الصغيرة شخصا ما في يوم من الأيام.
وأردفت الأم: ستكون جميلة جدا.
ولم يكن أحدهما، الأب أو الأم، يصدق كلمة مما يقول، ولكنه الغرور الوالدي هو الذي كان يدفعهما إلى هذا الكلام.
وسميت الطفلة «بيسي واليس». أما بيسي فلأن عمتها التي تقطن واشنجتون كانت تدعى بهذا الاسم، وأما واليس فلأن الوالد تيكل كان يحلم دائما بولد يحمل هذا الاسم.
الحفلة الأولى
أعلن الخادم قدومها فصاح: آنسة بيسي واليس وارفيلد.
وتحولت الأنظار كلها نحو السلم الذي بدأت تنزل درجاته أجمل فتاة رأتها عيون الحاضرين.
كان هذا في عام 1914 وأفكار العالم كلها مضطربة، والحديث لا يدور إلا حول الحرب المرتقبة، ولكن ما ظهرت الآنسة وارفيلد حتى خفتت الأصوات، وانقطعت المناقشات، ولم تستأنف إلا بعد ذلك بمدة، وكان موضوعها مختلفا هذه المرة؛ فيقول واحد: ما أرشقها!
Página desconocida
ويقول آخر: انظر إلى عينيها، انظر جيدا! - من الصعب أن يذكر الإنسان إذا كان لونهما أسود أم رماديا أم أخضر. - على كل حال شعرها أسود اللون. - وأي سواد!
ومع ذلك كانت الفتاة تتحرك في القاعة دون أن تهتم بما يقال حولها، واتجهت رأسا إلى عمها المستر دافيز وارفيلد، فقبلته بلطف وقادته إلى ركن من أركان القاعة، وهناك قالت له: يا عمي العزيز، كم أنا سعيدة! إنك تعاملني بمنتهى الرقة، هل تظن أنني نجحت؟
فقال العم: نعم، أيتها الصغيرة والي؛ إذا كان هذا مبدأ دخولك في الحياة، فهذا يعتبر دخولا في الحياة بالمعنى الصحيح. إنك بديعة جدا، وإنني لأعرف شخصا كان يطيب له أن يشهد نجاحك الليلة. إننا لا يجب أن ننساه في هذا المساء.
وفيما كان يقول لها ذلك لم يتمكن من أن يمتنع عن البكاء، وكانت بيسي تعرف أنه يقصد المرحوم والدها بكلماته؛ فأمسكت بحلية ذهبية تتدلى من عنقها إلى صدرها وفتحتها، فظهرت فيها صورة الأب تيكل واليس وارفيلد بيضاوية الشكل، وكان يبتسم ابتسامة خالدة.
وقال العم وهو يحاول أن يبدد أحزانها: مسكين والي! لم تكن سنك تزيد على ثلاثة أشهر يوم توفي، ومع ذلك فقد كان يعبدك، ويدعوك ملكته، ويلقي مختلف الوعود عن مستقبلك، ولكن ها أليس قد أقبلت.
سليلة بيت مونتاج
وارتمت الفتاة بين ذراعي أمها التي كانت لا تزال جميلة، والتي كانت تحبها إلى درجة العبادة، وفي تلك الأثناء تقدم رجل واقتاد والي إلى حلبة الرقص.
النساء حسان، والرجال ظرفاء، والأنوار مضيئة، والموسيقى شجية. كانت الحفلة قد نجحت نجاحا باهرا، وكان العم دافيز وارفيلد، أو العم سول كما كانت تناديه ابنة شقيقه، يفرك يديه سرورا.
وفي ركن من الأركان جلست سيدتان تقدمتا في السن تتحادثان، فقالت إحداهما: أليست جميلة؟ - بل فاتنة. - يا لليتيمة المسكينة! إن والدتها تعذبت كثيرا؛ فقد ترملت وهي في سن الثامنة عشرة، لقد كان هذا مؤلما؛ إذ اضطرت أن تذهب لتعيش في بادئ الأمر عند حماتها مسز وارفيلد العجوز التي كانت تحب حفيدتها بيسي إلى حد كبير. - أظن أنه في عام 1906 افتتحت أليس صالون الشاي. - نعم، في ذلك العام غادرت منزل الجدة وارفيلد لكي تستقر في منزل بشارع بيدل ببلتيمور، وفي عام 1908 تزوجت من المستر جون راسين. - انظري إلى بيسي، كم هي مهذبة راقية! - إن هذا بفضل عمها الذي اهتم بتربيتها اهتماما خاصا، فأرسلها في بادئ الأمر إلى كلية أروندل، ثم إلى مدام ليفيفر.
وبعد، فإن هذه الصغيرة سليلة بيت مجد، فأم بيسي، واسمها الأصلي أليس مونتاج، تنتسب إلى دروجودي مونتكوتو؛ وهو أحد زملاء غليوم الغازي الذي وطئت قدماه أرض الممتلكات البريطانية في فرنسا عام 1066. وقد حكم أحد أعضاء هذه الأسرة النبيلة جزيرة مان، وأحد أعضاء هذه الأسرة، واسمه بيتر مونتاج، هو الذي هاجر من أوروبا وأسس في عام 1623 بولاية فرجينيا الفرع الذي تنسب إلي بيسي. - وأما أسرة وارفيلد فليس هناك ما يشينها ما دامت تعود في الأصل إلى بيجان وارفيلد.
Página desconocida
وما لبثت أنغام الموسيقى أن ارتفعت فمنعت السيدتين من استئناف المناقشة؛ إذ لم تسمعا بعد ذلك غير أصوات الضجيج.
مقابلة سان دييجو
كانت الموسيقى تعزف نشيد: «يحفظ الله الملك!» النشيد الإنجليزي الوطني، ولم تكن الآلات العازفة خشبية، وإنما كانت آلات نحاسية، ولم يكن لقب بيسي واليس هو وارفيلد بعد ، وإنما أصبح سبنسر، ولم تكن في الثامنة عشرة من عمرها، وإنما كانت في الرابعة والعشرين.
منذ 8 نوفمبر من عام 1916 كانت بيسي قد أصبحت زوجة ملازم الطيران البحري المدعو وينفيلد سبنسر، ونحن اليوم في يوم 7 أبريل من عام 1920، وكانت محطة سان دييجو البحرية تستعد لزيارة ولي عهد إنجلترا؛ البرنس أوف ويلز أو الأمير إدوارد.
كانت قلوب الفتيات في سان دييجو تدق بشدة من أسبوع كامل، من أفقر الفقيرات إلى أغنى صاحبات الثروات، وكانت كل واحدة منهن تتصور في أحلامها أنها قد تكون السعيدة التي تستلفت نظر الأمير الفاتن في أثناء زيارته، أولم يرد في القصص الخيالية أن الأمراء قد يتزوجون من بنات الرعاة؟
كانت السيدة بيسي سبنسر تسخر من صديقاتها الصغيرات، وتسخر من أحلامهن البعيدة التحقيق، حتى لقد قالت لهن مرة: ولكن الحياة ليست خيالا أو خرافة.
وردت عليها إحداهن بحياء فقالت لها: إنك أنت نفسك قطعة من الخيال!
وكان هذا حقيقيا! فقد كان مظهر بيسي يدل على أنها تتحدى الجمال، وكانت تبدو جميلة في كل الأثواب، أثواب الصباح أو أثواب المساء. رشاقة! سحر! وعينان جميلتان! وغدائر سوداء! لم يكن ينقصها شيء، حتى «أجمل صوت في العالم!» كان الناس يعتبرون زوجة سبنسر ملكة سان دييجو التي لا ينازعها في ملكها منازع، ولكن لم تكن ملكيتها تؤثر على الملوك بعد؛ إذ إنه في اليوم المحدد لم يقف الأمير الشاب أمامها في حفلة الاستقبال أكثر مما وقف أمام غيرها.
لحظة واحدة تقابلت فيها نظرات العينين الرماديتين بنظرات العينين الخضراوين، ولحظة واحدة انحنى فيها الرأس ذو الشعر الأصفر أمام الرأس ذي الشعر الأسود، لحظة واحدة.
ومع ذلك فقد كانت هذه اللحظة الواحدة تميز المقابلة الأولى بين ذلك الرجل الذي قدر له أن يرتقي عرش إنجلترا باسم إدوارد الثامن، وبين المرأة التي قدر لها أن تصبح صديقته.
Página desconocida
ولكن لم يكن هناك بين الحاضرين، حتى أشدهم اتصالا بين الاثنين، من يعتقد أنه سوف يجيء اليوم الذي تهز فيه السيدة بيسي واليس الجميلة إمبراطورية بأسرها، وتحدث أزمة حادة تصبح حديث العالم بأسره.
مقابلة البلاط
وانفصل سبنسر عن زوجته في عام 1925، وكما لم يحدث زواجهما ضجيجا، كذلك انفصالهما مر بسكون.
وتزوج المستر سبنسر بسرعة.
أما مسز سبنسر التي عادت فأصبحت مسز وارفيلد، فقد انتظرت أعواما ثلاثة تزوجت على إثرها المستر سمبسون، الذي قابلته في أثناء سفرها من أمريكا إلى لندن.
وكان المستر سمبسون زوجها الثاني كندي الأصل، إلا أنه قضى معظم حياته في لندن؛ ولذلك استقر الزوجان؛ المستر والمسز سمبسون، في لندن.
وحدث بعد هذا ما يحدث دائما، فقدمت المسز سمبسون إلى البلاط الملكي، وانحنت أمام الملك جورج الخامس، ثم انحنت أمام الملكة ماري، وتقابلت نظراتها - للمرة الثانية - مع نظرات ولي العهد، ولكنها كانت مقابلة بين النظرات لم يدرك لها معنى غير النجوم، وغير الأقدار الساخرة.
والحق أن أحد الاثنين؛ ولي العهد أو المسز سمبسون، لم يشعر بأقل تأثير بعد المقابلة الأولى والثانية، ولم يكن هناك من يظن أن تلك الأمريكية الحسناء، التي لم يمض على قيامها من أمريكا غير أيام قليلة، سوف تلعب بعد ذلك دورا في حياة ملك إنجلترا وإمبراطور الهند.
ومرت في ثوبها الأبيض الطويل، وأخذت عيناها، بما يكتنفهما من غموض، وما ينتاب لونهما من تغيير؛ فهما تارة في لون الرماد، وتارة في لون البحر الأزرق، وأخرى في لون الزرع الأخضر؛ نقول: إن عينيها أخذتا في البحث عن عمتها العجوز بيسي التي كانت تقطن واشنجتون، حتى عثرت عليها على ضفاف التاميز، فسعدت بلقائها.
المقابلة الكبرى
Página desconocida
وكانت العجلة في هذه الأثناء تدور، عجلة القدر التي قادت بيسي فيما مضى إلى سان دييجو ثم قادتها إلى بهو العرش الإنجليزي، قادتها في مساء يوم من الأيام إلى مسكن ولي العهد الخاص. وكان زوجها هو الذي قادها بنفسه، وأخذ يقص عليها في الطريق كيف أنه عرف الأمير إدوارد في نهاية الحرب العظمى في فرقة حرس الكولدستريم، التي ألحق بها الكندي الأصل.
ولكن واليس زوجته لم تكن تصغي إليه، وإنما كانت تفكر فيما صادفته من النجاح بين الطبقات الأرستقراطية الإنجليزية ؛ فتمتلئ بذلك غرورا، وتشعر بنشوة السرور والفخر. وكانت تتولى تقديمها في الحفلات اللادي كنارد، أرملة السير باخ كنارد، من أعظم أصحاب شركات الملاحة في العالم «خطوط كنارد»، وكانت قد صادقت اللادي تيلما فيرنس، وهي سيدة أمريكية إنجليزية أيضا، كما أنها شقيقة جلوريا فاندربيلت.
وكانت اللادي فيرنس هي التي دعت المستر سمبسون وزوجته في ذلك اليوم إلى منزل ولي العهد، ولما وصلا إليه كانت هي هناك، فتولت تقديمهما.
هل أتمت العينين ذواتا اللون المتغير المعجزة؟ أم ترى هي خصلات الشعر الأسود، أم أن العينين والخصلات قد اشتركت في إحداث التأثير على البرنس أوف ويلز حتى أخذ في التقرب من المسز سمبسون، فأخذ منذ ذلك اليوم يسأل عنها تليفونيا في كل يوم ويواليها بخطاباته، كما لوحظ بعد ذلك أن الزوجين آل سمبسون كثيرا ما يزوران «فورت بلفيدير»، وهو القصر الذي كان يفضل ولي العهد الإقامة فيه.
وكانت العلاقة كلما توثقت بين الأمير وبين والي كلما ازداد مركز الزوج حرجا. وتقريرا للواقع، يجب أن نذكر أن الرجل قد احتمل التجربة مع الاحتفاظ بكرامته وكياسته في وقت واحد.
وماذا كان في وسعه أن يفعل؟ هل يطلب الطلاق فيهاجم أميرة وملكة المستقبل علنا في المحاكم، وهو ما تحرمه القوانين الإنجليزية؟ كانت الجماهير كلها تجهل كل شيء عن الموضوع، ولم تعرف عنه النزر اليسير إلا في صيف عام 1936 لما قام ولي العهد - وكان قد أصبح ملكا يحمل لقب إدوارد الثامن - برحلته البحرية غير الرسمية.
الرحلة البحرية
كان اليخت «ناهلين» يشق عباب بحر الأدرياتيك وهو يقترب من الشاطئ المرتفع، وقد وقف على ظهره الملك إدوارد الثامن الإمبراطور وقد التصق كتفه بكتف صديقته والي! وكانا ينظران إلى الماء.
لم تكن هناك حاجة إلى الحديث، كانت الأمواج وحركة الباخرة وهي تشقها، وعيون والي والملك وشعره الأصفر، تتحدث كلها في لغة سرية غامضة يفهمها كل العشاق في العالم؛ ولذلك سكت الاثنان وتركا البحر يهزهما وهما في أرجوحتهما، ويسر إليهما بكلمات رقيقة لا يمكن للشفاه الإنسانية أن تنطق بها.
وكانا في تلك الأثناء يقتربان من الشاطئ، فأخذا يسمعان صيحات العمال وهتاف الجمهور. وفي اللحظة التي نزلا فيها إلى البر أشارت والي إلى فوج من المصورين مقبلين وقالت: إنهم يأخذون صورتنا.
Página desconocida
واكتفى الملك بأن هز كتفيه.
وفي أثناء تلك الرحلة كلها، سواء كان ذلك في طرقات مدن بلاد البلقان، أم على شواطئها، أم في غاباتها، لم يتمكن المصورون مرة واحدة من التقاط صورة الملك منفردا.
في كل مكان كان إدوارد الثامن يشاهد ممسكا بيد مسز سمبسون وعلى وجهيهما طابع البراءة والطهر الذي يحمله وجها أي عاشقين.
لم يكن الملك يهتم بالهرب من الطفيليين، بل كأننا به على العكس من ذلك، كان شديد الرغبة في أن يعرف العالم كله حبه لرفيقة سفره، ومنذ ذلك الوقت فقط، صيف عام 1936، بدأ العالم كله يعرف والي.
الصحافة
بدأت مسز سمبسون منذ ذلك الوقت تحتل الصفحات الأولى من الجرائد الأمريكية، وكانت صحف هيرست أسبق الصحف إلى نشر أخبارها، ثم تبعتها بقية الصحف الأمريكية، وقد لوحظ أنها تقدم أخبار مسز سمبسون على أخبار رئيس جمهورية الولايات المتحدة؛ المستر روزفلت، وعلى أخبار الثورة الإسبانية.
مسز سمبسون.
أما الصحف البريطانية فإنها لم تنشر شيئا عن الموضوع، ولم تشر إليه بحرف واحد، فزاد ذلك من اهتمام الصحافة الأميريكية، وأخذت تتهم الصحافة الإنجليزية بأنها مراقبة من الحكومة التي حرمت عليها نشر أخبار الملك إدوارد والمسز سمبسون.
وأما السفارة البريطانية في واشنطون فقد وقعت في حيرة شديدة، ولم يسعها إلا أن تجمع جميع ما كتبته الصحف الأمريكية في هذا الموضوع وترسله إلى وزير الخارجية الإنجليزية. ولم يكن هذا العمل سهلا؛ إذ بلغ عدد المقالات التي نشرتها الصحف والمجلات الأمريكية في يوم واحد أكثر من ثلاثة آلاف مقال كلها عن الملك إدوارد والمسز سمبسون.
وبدأ الصحفيون في أمريكا يضايقون الزائرين الإنجليز العظماء الذين كانوا يقضون عطلتهم في أمريكا، حتى اضطر كثير من هؤلاء إلى اختصار مدة إقامتهم في أمريكا؛ رغبة في التخلص من جيش الصحفيين الأمريكيين الذي كان يجتمع كل يوم عند أبواب غرفهم ؛ ليسأل كل واحد منهم رأيه في غرام ملكه إدوارد الثامن بالأمريكية الحسناء المسز سمبسون، ورأيه في احتمال زواج الملك منها.
Página desconocida
حكاية سيندريلا
وفي تلك الأثناء أصبح مركز المسز سمبسون حرجا للغاية، إذ صار افتراقها عن زوجها بعد كل تلك الضجة أمرا محتما، وأمام تلك الضرورة الملحة وجد الزوج الكندي حلا يدل على النبل، إذ ترك والي زوجته تتقدم إلى المحاكم طالبة الطلاق من زوجها؛ بحجة أنها فاجأت زوجها أرنست سمبسون مع حسناء يطلقون عليها: «الزرار الذهبي»، وتركها فعلا تفاجئه مع الشهود حتى تحصل على الطلاق بسهولة.
ولما حصلت والي على الحرية وأصبحت مطلقة جنت أمريكا، وجنت صحافتها، وبدأ البحث يدور حول موضوع واحد هو زواج الملك منها، بعد أن كان الحديث قبل ذلك حديث حبه لها، وغرامه بها! وبدأ استفتاء الرأي العام بواسطة الصحف عما إذا كان يوافق على زواج ملك إنجلترا من المسز سمبسون أم لا. وكان الملك معروفا جيدا ومحبوبا جدا في أمريكا؛ ولذلك أطلق احتمال زواجه من والي خيال الأمريكيين.
زواج مثل زواج سيندريلا في قصتها المشهورة! ذلك هو الحلم الخالد في أمريكا، وهو غذاء ثلاثة أرباع الأشرطة السينمائية التي يخرجونها في هوليود مدينة السينما، وها هو ذا الحلم يصبح حقيقة! وفوق ذلك هي أمريكية ستخلد على صفحات التاريخ للمرة الأولى، وترتقي سلم العرش! فلا شك أن هذا مما يملأ النفوس غرورا، ويشعر العزة القومية بالرضا. بدأ 128 مليونا من الأمريكيين يتمنون من صميم قلوبهم أن تتم المعجزة، حتى ترى عيونهم للمرة الأولى ملكة أمريكية، وتتحدث ألسنتهم عن المسز أرنست سمبسون التي أصبحت فيما هو أشبه بالخيال «الملكة والي».
ما أثقله!
ما أبعدنا اليوم عن مدينة المياه المعدنية في 1900 وعن جبالها الزرقاء! كان الأب تيكل وارفيلد قد قال وهو يشهد ابنته للمرة الأولى: سوف تصبح شخصا له أهميته.
ولقد أصبحت شخصا.
هي جالسة في ركن من أركان الصالون بقصر فورت بلفيدير إلى جانب النار، وأمامها الملك يفكر وقد نظر إلى لهيب النار! ووراء النافذة لا يوجد غير الضباب ، والنور في الصالون ضعيف يبعث على الحزن والكآبة، وعلى أرض الغرفة توجد الأكوام البيضاء هنا وهناك؛ تلك هي الصحف.
كانت الصحف معظمها أمريكية من التي لا يراها الرعايا الإنجليز، فقد كانت الحكومة تمنع بيعها، أو تمزق الصفحات التي يرد فيها ذكر الملك. أما الملك والمسز سمبسون فقد كان مسموحا لهما بقراءتها.
والملك يحاول في هذا النضال الغريب، الذي قد يناضله أقوى الملوك العصريين للدفاع عن غرامه، أن يفهم حقيقة رأي العالم! وهو يقدر فوق هذا العبء الثقيل الذي يجب أن يحتمله كتفه بسبب التقاليد، وبسبب المملكة، وبسبب الإمبراطورية.
Página desconocida
وهو يعرف كذلك أنه يحب تلك المرأة التي تجلس أمامه، وأنه يحب عينيها الخضراوين المتحولتين، وهو يحب ذلك الصوت «أجمل صوت في العالم»، الذي سوف يهمس في أذنه عاجلا أم آجلا، فيقول له بظرف: «كم تبدو منشغل الفكر يا حبيبي!» فماذا يصنع؟
إنه يمسك بالتاج الذي يجب أن يضعه على رأسه في يوم تتويجه ويقيسه، فما يلبث أن يقول وهو يرفعه بسرعة: ما أثقل وزنه!
أما والي، وكأنها تقرأ أفكاره بجلاء ووضوح، فإنها تمسك بيده وتضغط عليها بخفة. هي الأخرى قلقة.
موقف الوزارة
كان رئيس الوزارة الإنجليزية المستر بلدوين قد قابل الملك إدوارد في يوم 20 أكتوبر من عام 1936، وحادثه للمرة الأولى في موضوع المسز سمبسون وما تكتبه الصحف الأمريكية عنها، وعن صلتها بالملك، وعن الخطر الذي يهدد البلاد لو فتحت الصحف الإنجليزية هذا الموضوع بدورها وبدأت تتحدث عنه. وقد وافق الملك على كلام رئيس وزرائه وأخبره أنه سيفكر في الموضوع.
ثم عاد المستر بلدوين فقابل الملك في 16 نوفمبر من العام نفسه في قصر بكنجهام - وكان حكم الطلاق قد صدر في قضية المسز سمبسون - فصارحه برأيه وقال له: لا أظن، يا مولاي، أن هذا الزواج ينال موافقة البلاد؛ إذ يترتب عليه أن السيدة التي تتزوجها تصير ملكة. إنني قد أكون من بقايا رجال العهد الفيكتوري القديم، ولكني لا أقبل أن يقول عني ألد أعدائي إنني لا أعرف رد الفعل الذي يحدثه في الشعب البريطاني اتخاذ خطة معينة للعمل، إنني واثق من أن هذا لا يمكن أن ينفذ عمليا.
وأوضح المستر بلدوين في هذه المقابلة الثانية للملك أن مركز زوجة الملك يختلف عن مركز زوجة أي فرد آخر في البلاد. وهذا هو جزء من الثمن الذي يدفعه الملك؛ فزوجته تكون ملكة، وملكته ملكة للبلاد؛ ولذا يجب أن يكون صوت الشعب مسموعا ما دام الأمر يتعلق باختيار ملكته.
واستمع الملك لحديثه، ثم قال له: إنني سأتزوج المسز سمبسون، وأنا على استعداد لأن أذهب.
وكانت مفاجأة شديدة الوقع على رئيس الوزراء، إلا أن الملك كان مصمما على تنفيذ إرادته، فأخبر أمه الملكة الوالدة في مساء ذلك اليوم، ثم أخبر أشقاءه: دوق يورك، ودوق جلوستر، ودوق كنت في اليوم التالي.
الزواج غير المتكافئ
Página desconocida
وفي خلال تلك المدة عرض الملك على رئيس الوزراء بطريق غير مباشر اقتراحا جديدا؛ هو أن يسن البرلمان قانونا يتمكن الملك بواسطته من الزواج بدون أن تصبح زوجته ملكة، ويكتفى بأن تكون زوجة الملك! وقابل المستر بلدوين الملك في 25 نوفمبر، فسأله الملك عن رأيه، فصارحه رئيس الوزراء بأنه يعتقد أن البرلمان لن يصادق على قانون كهذا، ولكن الملك أصر على ضرورة عرض الاقتراح على مجلس الوزراء، وعلى رؤساء وزارات الأملاك المستقلة، فوعد المستر بلدوين بعمل ذلك في يوم 2 ديسمبر.
وقبل أن ينتهي المستر بلدوين من جمع آراء الجميع طلب الملك منه أن يحضر لمقابلته، ولما حضر سأله الملك عن رأيه في الموضوع، فصارحه رئيس الوزراء بأن ما وصل إليه إلى ذلك الوقت كان يدل على أنه ليس هناك أي استعداد في إنجلترا، أو في الأملاك المستقلة، للموافقة على القانون الذي يقترح جلالته سنه.
ولم يدهش الملك لهذا الجواب، ولم يعد بعد ذلك إلى الحديث في الموضوع بالمرة.
وبدأ النضال الحاد الذي استمر أسبوعا كاملا في نفس الملك.
التاج أم الحب؟
استمر النضال مدة أسبوع كامل من يوم 2 ديسمبر إلى يوم 9 ديسمبر سنة 1936، ولكن الملك كان قد استقر رأيه منذ أول الأمر، ولم يكن ليتراجع في كلمته التي قالها لرئيس وزرائه عندما ذكر استعداده لأن يذهب.
وقد حاول أفراد الأسرة، وفي مقدمتهم الملكة الوالدة ماري، إثناء الملك عن عزمه، ولكنه لم يتحول، وأخذ في تلك الفترة يستعد للرحيل بعد أن سبقته المسز سمبسون التي سافرت بمجرد أن انتشر خبر الأزمة في البلاد، حيث استقرت مدة في كان.
وقد فضل الملك أن يظل مدة الأزمة في قصر فورت بلفيدير، وصرح لرئيس الوزراء بأنه لا يعود إلى لندن ما دام النزاع قائما، وذلك حتى لا يتعرض لجماهير الهاتفين من الشعب؛ إذ إن كثيرين من أفراد الشعب كانوا قد فهموا الأزمة في مبدئها على غير حقيقتها، إذ أشيع أن الوزارة تريد أن تفرض إرادتها على جلالة الملك، وأنها تستعجل جوابه، إلى غير ذلك من الأقوال المثيرة.
وفي مساء يوم 9 ديسمبر سنة 1936 تقرر أن لا بد أن تهيئ صحف الصباح الرأي العام لكي يتلقى الصدمة، فما أصبح يوم الخميس 10 ديسمبر سنة 1936 حتى كان الناس يشعرون بأن حدثا يوشك أن يحل بعد أن استمر قلقهم طويلا وهم يأملون أن يبقى لهم ملكهم المحبوب.
الصاعقة
Página desconocida
وأخيرا خرج بائعو الصحف يحملون الطبعات الخاصة من الصحف التي نشرت إعلان تنازل؛ تنازل الملك عن العرش، وأقبل الناس على شرائها بالألوف، وأخذوا يتجمعون حلقات في الطريق يقرءون ويعيدون ما يقرءون، كما لو كانوا لا يصدقون أن الملك إدوارد الثامن الذي كانوا يجزلون له الحب من كل قلوبهم قد تنازل عن العرش حقا، وغادرهم من أجل سيدة.
واجتمع مجلس النواب الإنجليزي في منتصف الساعة الرابعة بعد الظهر، ودخل رئيس الوزراء في الساعة الثالثة والدقيقة 35، وقدم لرئيس المجلس الرسالة التي تخلى بها الملك عن عرشه، تلك الرسالة التي جاء فيها:
إنني أعتقد أنني لا أحيد عن واجبي الذي يقضي بتقديم مصالح الشعب، عندما أصرح بأنني لم أعد بعد اليوم قادرا على القيام بتلك المهمة الشاقة على ما يجب أو ما يرضي ضميري.
وقد استأنف البرلمان جلساته في اليوم التالي 11 ديسمبر سنة 1936، فأقر قانون التنازل في المجلسين، ثم أمضاه الملك في اليوم نفسه. وفي الساعة التي أمضاه فيها - وكانت الأولى والدقيقة 52 - لم يعد ملكا.
العشاء الأخير
وفي مساء ذلك اليوم، اجتمع حول المائدة الملكية في قصر وندسور: الملك السابق، والملكة الوالدة، والملك الجديد، والملكة الجديدة، والبرنسس رويال «شقيقة الملك»، والدوق جلوستر.
وقد اتخذ العشاء في تلك الليلة شكل وداع للملك إدوارد الثامن، وكانت الترتيبات التي اتخذت مؤثرة للغاية؛ إذ أشرفت الملكة الجديدة، دوقة يورك السابقة، بنفسها على اختيار ألوان الطعام التي يحبها الملك السابق؛ لأنها كانت تعرف ميوله من قبل.
وفي الساعة العاشرة قام الملك السابق من مكانه، وتحدث من القصر نفسه إلى شعبه عن طريق اللاسلكي حديثا سمعه العالم أجمع، وقد جاء فيه:
إنني وجدت من المستحيل علي أن أقوم بأعبائي دون معاونة المرأة التي أحبها. أما القرار الذي اتخذته فهو قراري وحدي. وأما الشخص الآخر فقد حاول أن يقنعني باتخاذ خطة أخرى.
وبعد ذلك الوداع المؤثر للأمة، ودع الملك أفراد الأسرة كلها، واستقل سيارة إلى ميناء بورتسموث اجتازت المدخل دون أن يقفها أحد؛ إذ كان البوليس على علم بشخصية راكبها، وسارت السيارة إلى مسكن الأميرال فيشر، القائد العام للأسطول، وحادثه الملك برهة ثم استقل مدمرة انسلت من ميناء بورتسموث في ظلام الليل.
Página desconocida
وبقي الملك السابق على ظهرها يتطلع إلى أنوار الميناء وهي تغيب عنه وراء حجاب كثيف من ظلام الليل، ولعله كان يسائل نفسه عن الزمن الذي قد يمضي قبل أن يرى تلك الأنوار ثانية.
جلالة الملك كارول ومدام ماجدا لوبيسكو
الغرام الأول
كان أول من تعلق بها الملك كارول الثاني ملك رومانيا هي السيدة زيزي لامبرينو، وقد تم الزواج بين الاثنين في عام 1918، وكان الملك لا يزال إذ ذاك الأمير كارول ولي العهد.
وقد أزعجت هذه العلاقة المرحوم الملك فرديناند، والد الملك كارول، واشتد غضبه لما بلغه نبأ الزواج الذي تم بين ابنه وبين السيدة لامبرينو، وأمر بإلغاء هذا الزواج. وذهب سماسرة البلاط والحكومة يعرضون على تلك السيدة مبلغا كبيرا من المال مقابل أن تتنازل عن الزواج، إلا أنها رفضت ذلك بتاتا. وظل الأمير كارول مدة من الزمن على إخلاصه لهذه السيدة، وما لبث بعد ذلك أن مل الحياة إلى جانبها، وأدرك أنه قد تورط في هذا الغرام، فرحل إلى الخارج بعيدا عنها.
وقد ضيق الخناق على الأمير كارول بعد إعلان خبر هذا الزواج؛ إذ إنه خالف عندما عقده القانون العسكري الذي كان يخضع له؛ وذلك لأنه غادر بلاده إلى مدينة أودسا حيث تم الزواج دون الحصول على إجازة رسمية، كما قرر رجال الفقه بطلان هذا الزواج من الوجهة القانونية.
وقد كان لزواج الأمير كارول من السيدة زيزي لامبرينو ثمرة؛ هي غلام صغير اسمه الأمير مرسيا، وتحب أمه دائما أن تناديه باسم «برنس» أو أمير، وهي تعيش معه في الوقت الحاضر في إحدى المدن الفرنسية الصغيرة حيث يذهب الغلام إلى المدرسة مثل أي غلام آخر من أبناء الشعب.
وقد حدث في عام 1936، لما وصل جلالة الملك كارول إلى باريس قادما من لندن، بعد أن اشترك في تشييع جنازة الملك جورج الخامس، أن ظنت السيدة زيزي لامبرينو أنها ربما تمكنت من إعادة علاقتها بجلالته؛ ولذلك أسرعت بالسفر إلى باريس للقائه، ولكنه رفض مقابلتها هناك ولم توفق في محاولتها.
الزواج
وفي عام 1921، تزوج الأمير كارول من الأميرة هيلانة اليونانية، ابنة الملك قسطنطين وشقيقة الملك جورج الثاني، الملك الحالي، وهي التي خلفت له الأمير ميشيل أو ميخائيل، ولي عهد رومانيا الحالي.
Página desconocida
التنازل
ولما توفيت الملكة ألكسندرا في أواخر عام 1925، سافر الأمير كارول ليشهد حفلة جنازتها، ولكنه لم يعد بعد ذلك إلى رومانيا، ولم يجتمع بأفراد أسرته في عيد الميلاد، وإذ ذاك لم يعد في الإمكان إخفاء الحقيقة عن الجمهور؛ فأعلن في يوم 31 ديسمبر سنة 1925 أن الأمير يرفض العودة إلى بلاده، وأنه لا يزال في ميلان.
وأرسل إليه والده الملك فرديناند رسولا يحضه على إنعام النظر في واجبه نحو أسرته وزوجته وبلاده، والعودة لاستئناف أعماله كولي العهد، ولكن الرسول عاد يحمل كتابا من الأمير كارول، وفيه يعلن قراره الأخير ؛ وهو التنازل عن حقوقه في وراثة العرش، وفي جميع الامتيازات التي له كعضو من أعضاء الأسرة المالكة. وقد نادى الملك - بعد أن وافق على تنازله - بحفيده الأمير ميخائيل الصغير وليا للعهد، وكان لا يزال إذ ذاك في الرابعة من عمره.
الملك كارول مع نجله الأمير ميخائيل ولي العهد.
وقد حاول بعض الكتاب إذ ذاك، كما حاولوا عند تنازل الملك إدوارد الثامن عن عرش إنجلترا، أن يقحموا السياسة في الموضوع، فقالوا: إن لتنازل الأمير كارول صلة بتجهيز مصلحة الطيران الرومانية بطائرات جديدة؛ إذ كان ولي العهد بصفته رئيسا لهذه المصلحة قد أوصى على طائرات ومحركات في مصانع دولتين من الدول الأجنبية، على الرغم من معارضة المصلحة نفسها التي كانت تريد أن توصي على الطائرات والمحركات في مصانع دولة أخرى، وقيل: إن الذي حدث بعد هذا هو أن طيارا من خيرة الطيارين الرومانيين قتل وهو يقوم بتجربة إحدى الطائرات الجديدة، فعد الأمير مسئولا وانتقد تصرفه؛ إذ قيل: إن محركات الطائرات التي أوصى على صنعها بنفسه لم تكن من طراز جيد، وطلب المسئولون في السلاح الجوي إجراء التحقيق، وعارض الأمير في ذلك، ولكن الوزارة لم تعبأ بمعارضته.
ولكن ظهر فيما بعد أن السياسة لم تكن ذات شأن كبير في الموضوع، وأن الأمير لم يتنازل إلا تلبية لنداء القلب. وقد وافق المجلس الوطني في رومانيا على تنازل الأمير كارول عن العرش بأكثرية 234 صوتا ضد 3 أصوات، وأعلن أن الأمير ميخائيل أو ميشيل هو ولي العهد، وتألف مجلس للنيابة عنه ضم البطريرك الأرثوذكسي، والأمير نقولا - عمه - ورئيس محكمة النقض والإبرام.
وفي يوم 4 يناير من عام 1926، وصل رسول خاص من البندقية إلى بوخارست يحمل كتابا من الأمير كارول يكرر فيه نزوله عن حقه في العرش، ويعرب عن رغبته في اتخاذ اسم «سكاريات موناسترياتو». وهو اسم مشتق من أملاكه في موناسيير.
وقد حمل الرسول خطابا خاصا من الأمير إلى قرينته الأميرة هيلانة كان مملوءا بالعبارت المؤثرة الرقيقة، وقد أبلغها فيه أنه قطع علاقته الزوجية بها، وأنه يتنازل عن سلطته الأبوية على ابنه الأمير ميشيل ولي العهد، وأنه يصرح لها أن تطلب الطلاق منه! ويقال: إن الأميرة هيلانة أصيبت بالإغماء لما قرأت هذا الخطاب، وقالت: إنها لا تعرف السبب الذي يدفع زوجها الأمير كارول إلى هذا التصرف.
وروي أنه لما عقد مجلس العرش للنظر في تنازل الأمير كارول كان الملك مغموما، حتى لقد خشي أن يصاب بمكروه؛ ولذلك لم يتقدم أي واحد من أعضاء هذا المجلس بسؤال أو استيضاح عن تصرف الأمير.
وقيل إذ ذاك: إن من بين الأسباب التي دفعت الأمير كارول إلى التنازل الخلاف الشديد الذي استحكم مدة طويلة بينه وبين والده الملك فرديناند، وأنه لذلك قد يتولى عرش المجر الذي عرضه عليه بعض الوطنيين في تلك البلاد، ولكن لم يحدث شيء من هذا، وما لبث الأمير كارول أن رحل عن إيطاليا إلى إنجلترا، ثم إلى فرنسا؛ حيث عرف أنه يعيش مع اليهودية الحسناء ذات الشعر الأحمر: ماجدا لوبيسكو.
Página desconocida
ولما تنازل الأمير كارول عن العرش تعهد ألا يعود إلى رومانيا قبل انقضاء عشر سنوات على تنازله، وأنه حتى بعد هذه المدة يجب أن يطلب ترخيصا بالعودة من الملك.
عهد الملك الصغير
ولما توفي الملك فرديناند في 29 يوليو من عام 1927، انتقل العرش إلى حفيده الأمير ميخائيل ابن الملك كارول «الحالي»، وقد أسرع رجال البلاط الملكي الروماني إذ ذاك بإتمام إجراءات تتويج الملك الصغير؛ خوفا من عودة والده وتعرض البلاد للخطر والفتن.
وقد توج الملك ميخائيل في الأسبوع الأخير من شهر يوليو عام 1927، حيث اجتمع البرلمان الروماني في شكل مؤتمر، وأقيمت في صدر قاعة الاجتماع منصة عالية جلس عليها مطران بوخارست. وفي الساعة الثالثة بعد الظهر، نهض رئيس مجلس الشيوخ وأعلن وفاة الملك فرديناند، وتولى الأمير ميخائيل الملك، وفي تلك اللحظة دخل الأمير ميخائيل من باب القاعة وقد أمسك بيد أمه الأميرة هيلانة التي هجرها والده، فقوبلا - الابن والأم - بهتاف شديد رددت جوانب قاعة الاجتماع صداه. وكان الأمير الصغير، وهو في الخامسة من عمره، يرتدي ملابس البحارة البيضاء اللون .
ولما ساد الهدوء في القاعة أعلن أعضاء مجلس الوصاية أنهم يقبلون إدارة شئون المملكة بالنيابة عن الملك الصغير، ثم أقسموا يمين الإخلاص لجلالته، وأعلنوا بعد ذلك ثقتهم بالوزارة القائمة، وعدم قبولهم استقالتها.
وعاد الملك الطفل بعد ذلك إلى القصر الملكي مع الأميرة والدته، وكانت الجماهير المحتشدة تقابله بحماس عظيم، ولما وصل إلى جناحه الخاص بالقصر سأل أمه قائلا: لقد كان كل ما رأيته بديعا، ولكن لماذا كان الجميع يبكون؟
وكتمت أمه حزنها العظيم الذي كان الطفل لا يدرك سببه الحقيقي، وقالت له: إنهم يبكون جدك الذي مات.
فأطرق الصغير لحظة ثم سألها: ولماذا لم يعودوا ينادوني منذ أمس بيا صاحب السمو الملكي كما كانوا يفعلون قبلا؟
فأجابته: لأنك صرت الملك ميخائيل، وأصبح واجبا عليك أن تكون شريفا كثير الجد.
فسألها الولد محزونا: ولكن أخبريني يا أماه: هل ستمنعونني من اللعب بلعبي بعد اليوم؟ •••
Página desconocida
وقد ساد التنافس بين الأحزاب في إبان حكم الملك الصغير كما هي العادة، وأهملت المرافق الحيوية للبلاد، وأخذ جميع العقلاء والزعماء يوجسون خوفا على مستقبل رومانيا، ويتطلعون إلى الرجل الذي يمكنه إنقاذ البلاد من حالة الفوضى التي تردت إليها.
ولم يكن ذلك الرجل البعيد عن بلاده، ولم تكن السيدة التي إلى جانبه، لم يكن أحدهما غافلا عن الحالة وعما يدعو الواجب إلى عمله.
العودة
على الرغم من تعهد الأمير كارول بعدم العودة إلى رومانيا قبل انقضاء عشر سنوات على تنازله، وبدون الحصول على تصريح من الملك، حدث في يوم 7 يونيو من عام 1930، أن وصل سموه على متن طائرة فرنسية إلى كلوزنبرج في مقاطعة ترنسلفانيا، فاستقبله لفيف من الضباط بمظاهر الحماسة ورحبوا به، ومن كلوزنبرج استقل طائرة رومانية نقلته إلى بوخارست العاصمة، ومن مطار بوخارست ركب سيارة إلى القصر الملكي. وكان أفراد الشعب قد عرفوا بعودته فاجتمعوا في الطرقات وهتفوا له بحماس شديد! ولما وصل إلى القصر استقبله الحرس الملكي استقبالا وديا، وعانقه شقيقة الأمير نيقولا عضو مجلس الوصاية على العرش.
وقد دبرت عودة الأمير كارول إلى عرش رومانيا تدبيرا محكما، ووضعت خططها بعناية وحذر، وقد انتشر نبأ عودته في جميع أنحاء البلاد بسرعة البرق. ولما بلغ مسامع النواب في مجلسهم تعالى هتافهم. وكل ذلك لأن الشعب كان قد مل حالة الفوضى وتنازع الأحزاب على الحكم، والفساد السياسي الذي أخذ في الانتشار، واعتبر الأمير كارول لذلك منقذ البلاد، كما انضم الجيش إلى جانبه.
وتمهيدا لعودة الأمير كارول أبلغ أصدقاءه في فرنسا قبل خمسة أيام من تاريخ عودته أنه قد قطع علاقته بالسيدة ماجدا لوبيسكو التي كان يقيم معها في قصره بمقاطعة نورمنديا. وقد نشر أصدقاؤه الخبر الذي كان له أحسن الأثر في رومانيا، وكان من العوامل التي ساعدت على ترحيب الشعب به.
وكان رئيس الوزراء، المسيو مانيو، والأمير نيقولا يعلمان بموعد وصوله إلى العاصمة؛ ولذلك وقفا عند باب القصر الملكي لاستقباله عند وصوله، وكان معهما مدير البوليس. أما والدته الملكة ماري فلم تكن تعرف شيئا عن عودته؛ ولذلك فإنها كانت قد اجتازت الحدود الرومانية عند منتصف الليل في طريقها إلى «أوبرمرجاو»؛ حيث تمثل رواية آلام المسيح في كل عام.
وأما زوجته الأميرة هيلانة، فلم تشأ أن تضع العراقيل في طريقه، أو بالأحرى لم يكن في وسعها أن تفعل ذلك، ولكنها لم تخف ميلها إلى عدم استئناف الحياة إلى جانبه.
وقد اختلف أعضاء وزارة المسيو مانيو بشأن الخطة التي يجب على الوزارة أن تتبعها إزاء عودة الأمير كارول، ولما اشتد الخلاف استقالت الوزارة، وقبل مجلس الوصاية استقالتها، وكلف المسيو ميرونسكو، وزير الخارجية في الوزارة المستقيلة، بتأليف الوزارة الجديدة في الحال، فألفها بعد ساعة واحدة من استقالة وزارة المسيو مانيو.
وفي يوم 8 يونيو، اجتمع كل من مجلسي النواب والشيوخ على حدة، وقررا إلغاء وثيقة تنازل الأمير كارول عن العرش، وعين الملك ميخائيل وليا للعهد؛ فصار أميرا من جديد.
Página desconocida
وقام رئيس الوزراء المسيو ميرونسكو بمساعيه لدى زعماء الأحزاب، ثم عقدت الجمعية الوطنية جلسة خطيرة نودي فيها بالأمير كارول ملكا على رومانيا بأكثرية 486 صوتا ضد صوت واحد! وقوبلت هذه النتيجة بالتصفيق والهتاف العالي باسم الملك كارول الثاني الذي دعي لكي يقسم اليمين، فأقسم والجميع وقوف، ثم خطب الجمعية الوطنية قائلا:
لم آت للثأر من أحد! ولكني أود أن أؤلف بين قلوب جميع أفراد الشعب الذين يريدون أن يتعاونوا معي في سبيل ترقية البلاد.
إنني مصمم على حفظ البلاد من الانقسام، ولهذا الغرض يجب الحصول على معاونة جميع العناصر الحية في البلاد، وبدون الاتحاد لا يمكن أن نظهر أمام حسادنا أمة قوية يسهر عليها جيش منظم يحمل أحدث الآلات العصرية.
وقد تمت جميع هذه الحوادث في خلال 48 ساعة، وقيل: إن الملك بعد أن استتب له الأمر حاول إزالة الخلاف بينه وبين الأميرة هيلانة، وقيل: إن الأميرة هي التي رفضت الصلح، وصممت على عدم العودة إلى مطلقها الملك، فلم يسع هذا الأخير إلا أن ينزع عنها ابنها ولي العهد؛ ليشرف على تربيته ودراسته بنفسه. وقد كان انتزاع الأمير الصغير من أحضان والدته مؤثرا للغاية؛ إذ إنه أذرف الدمع وكرر أنه لا يريد مفارقة أمه! ولكن والده وعده بأنه لن يحرمه من رؤية والدته من وقت لآخر.
وقد تأكد الناس أن علاقة الملك كارول بالسيدة ماجدا لوبيسكو لم تقطع؛ إذ ما لبثت الأخبار أن جاءت من فرنسا تقول: إن السيدة قد غادرت قصر نورمنديا، وأنها تنوي السفر إلى سويسرا، ومنها إلى بوخارست.
الصديقة المخلصة
بعد أن عاد الملك كارول إلى العرش الروماني شغلت أوروبا كلها بالحديث عن ماجدا لوبيسكو، وخاصة بعد أن رفضت زوجه الأميرة هيلانة اليونانية أن تعاشره من جديد، وقنعت بأن ترى ابنها المحبوب الأمير ميخائيل في فترات متقطعة من كل عام، بعد أن كانت لا تفارقه لحظة واحدة مدة غياب والده خارج البلاد.
وبعد أن غادرت الأميرة هيلانة بوخارست، العاصمة الرومانية، حضرت إليها ماجدا لوبيسكو، وكان الملك قد أعد لها قصرا فخما تعيش فيه كما تعيش الملكات؛ إذ أحاطها جلالته بجميع مظاهر العظمة، وكان يلبي جميع طلباتها حتى قيل عنها: إنها القوة الخفية وراء العرش؛ مما أدى إلى كراهية حزب «الحرس الحديدي » لها، هذا فوق أصلها اليهودي الذي جر عليها نقمة هذا الحزب أيضا؛ إذ من بين مبادئه مناهضة نفوذ اليهود في رومانيا؛ لأنه يتهمهم بتدبير مقتل رئيس الوزراء المسيو دوكا.
وقيل: إن القصر الذي تعيش فيه ماجدا لوبيسكو في بوخارست كان يحوي آلة تليفون في كل غرفة حتى غرفة الحمام؛ وذلك حتى لا تجهد السيدة نفسها إذا شاءت أن تتحدث من إحدى الغرف بالانتقال إلى مكان التليفون.
ويقال: إن إحدى آلات التليفون كانت تتصل رأسا بحجرة الملك الخاصة في القصر، حتى يستطيع جلالته أن يتحدث إليها في أي وقت دون وساطة «السنترال»، وبغير أن يمكن لأي إنسان أن يستمع للحديث.
Página desconocida
وكان قصرها محاطا بالحرس والبوليس السري؛ وذلك لأنها مطمح المصورين والرسامين والصحفيين الذين يقصدون القصر في كل صباح لكي يفوزوا بصورة أو حديث، فكانوا يعودون خائبين.
وتمتاز ماجدا لوبيسكو فوق جمالها الفتان بذوقها السليم، وحسن اختيارها للملابس، وحبها للماس والفراء والسينما.
وهي شديدة الإخلاص للملك حتى إنها ترفض الظهور معه في أي حفلة من الحفلات؛ ولذلك كثيرا ما كانت تتخفى في ملابس خاصة، وتجلس بين أصدقائها وصديقاتها في مكان منعزل أثناء تلك الحفلات ترقب تحية الجماهير لمولاها وقد انبسطت أسارير وجهها فرحا، وامتلأت نفسها فخرا وزهوا بصداقة جلالته التي أنعم بها عليها، وهي تقنع بهذا كله وهي في ركنها دون أن يلحظها أو يعرفها أحد.
اذكري هيلانة!
في أواخر عام 1934، اتهم الرومانيون ماجدا لوبيسكو بتضخم نفوذها في البلاط، وأخذ حزب الحرس الحديدي يفكر فيما عساه أن يفعل لكي يخلص البلاد من نفوذها؟
وقد أخذ أعداؤها يدبرون الدسائس والمؤامرات حتى قيل: إنهم أرسلوا إليها تهديدا بالقتل، اضطرت على أثره أن تغادر قصر الملك كارول الصيفي في ضاحية سينايا الذي كانت تتردد عليه من وقت إلى آخر، وأصبحت حياتها تعسة جدا بعد ذلك؛ إذ كانت كلما ظهرت أمام الجمهور في مجتمع من المجتمعات، أو مسرح من المسارح، تعالت الصيحات في وجهها تصم الآذان، وهي تنادي بها: «اذكري هيلانة! اذكري هيلانة!»
كانت هذه صيحة الأعداء الذين اتخذوا من زوجة الملك السابقة الأميرة هيلانة رمزا للحق والطهر والعفاف ضد سلطان ماجدا لوبيسكو. وكانت هذه الصيحات تلاحقها في كل مكان، وكثيرا ما كانت تفتح الغطاء وهي تجلس على مائدتها لتناول الطعام فتسقط منه ورقة عليها: «اذكري هيلانة!» كما أنها قد تركب سيارتها فتجد بها ورقة مطوية، ولكنها لا تقرؤها بل تقذف بها من النافذة توا؛ وذلك لأنها تعلم جيدا ما بها.
وأغرب ما حدث لها هو أنها كانت تستمع للراديو في ذات مساء وهي في منزلها، فإذا بالنغمات الموسيقية التي كانت تصغي إليها تقطع فجأة، وإذا بها تسمع الراديو يصيح بها: «اذكري هيلانة!»
ولم تلبث الموسيقى أن عادت بعد لحظة.
وهكذا كان ذلك الإنذار يلاحقها أينما ذهبت حتى لم تجد بدا من أن تغادر البلاد في رحلة إلى الخارج، رافقها في خلالها المسيو ديمتريسكو، سكرتير الملك كارول.
Página desconocida