رجع: الله المعتمد، ليس لأوليته أمد، أحمده، والعود أحمد، ما دام في القلب ضمد، أستغفره مما أنا فيه، وأستوهبه الرحمة وأجتديه، ما جنت السيئة فالحسنة تديه. ما أنا من خمرٍ مزيجٍ، والغناء والتهزيج، ذكر الله أحسن ما نطق به الناطقون. إن جناحى لمهيض، طرت في الصعيد، فوقعت غير بعيدٍ، والله منهض المنهاضين. بعد من اللمز، راكب دلمزٍ، بين عنقٍ وجمزٍ، لا يتكلم غير رمزٍ، كأن الكواكب له ذات غمزٍ، يدأب لربه معين الدائبين. من قعد على رحلٍ فوق سبحلٍ، يخبط سرابًا كالضحل، كأنه جديد السحل، ثم ولج في دحلٍ، فظفر بالجحل، ليس بأمير للنحل، فالله أعلم بخيبة الخائبين. كيف أغسل الذنوب وقد صار لونها كسواد اللابة والغداف، كلما غسل حجر هذه وريش ذاك إزدادا سوادًا بإذن الله، ولو شاء لبعث مطرًا تبيض تحته اللوب، وطير مثل النوب؛ ولكنه أجرى العادة بما تراه؛ قدره يحتث العينة لتجتث وأنا جاثم أو جاثٍ. غاية.
تفسير: الضمد: بقية الحقد. والدلمز: البعير الشديد المجتمع الخلق. والسبحل الضخم الطويل. والسحل: ثوب أبيض من قطنٍ والدحل: حفرة أعلاها واسع وأسفلها ضيق. والجحل هاهنا: ضرب من اليعاسيب وفي غير هذا الموضع السقاء الضخم؛ ويوصف الجعل بالجحل؛ قال عنترة:
كأن مؤشر العضدين جحلًا ... هدوجًا بين أقلبةٍ ملاح
ويقال لكل ضخمٍ: جحل.
رجع: إنى لوغد، وأظن أني سمغذ، وقد عرفت نفسى بعض العرفان وحقرتها وهي حديرة بإحتقارٍ. خلقتى كما شئت وأعطيننى مالًا أستحقه منك، ولعل في عبيدك من هو مثلى أو شر، في خزائنه بدر اللجين والعقيان، لا يطعم منها المسكين ولا يغاث الملهوف. والطف بي رب ولا تجعل خطاي في وعاثٍ. غاية.
تفسير: الوغد: الضعيف. والسمغد: المجنون، وقيل الأحمق.
رجع: أسب نفسى وتسبنى، وأريد الخير لا يجبنى، أحب الدنيا كأنها تحبنى، والحرص يوضعنى ويخبنى، والغريزة عن الرشد تذبنى، والخالق يغذونى ويربنى، كان في الشبيبة يشبنى، وتفضله ما بقيت لا يغبنى، أرتفع والقدر يكبنى، يألبنى دائمًا ويلبنى، كم أستنسر وأنا من البغاث. غاية.
تفسير: لا يجبنى: من جب فلان أصحابه إذا سبقهم وبذهم؛ ومنه قول الراجز:
من رول اليوم لنا فقد غلب ... خبزًا بسمن فهو بين الناس جب
رول خبزه وثريده إذا رواه بالدهن؛ ومنه قول أم عبد الله إينة أبى سفيان: لأ نكحن ببه، جارية خدبه، تجب أهل الكعبه وببة هو عبد الله بن " الحارث " بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
ويشبنى: من شببت النار. يألبنى أي يطروني. ويلبنى: يقابلنى. وإشتقاقه من أن لبة الرجل تكون بحذاء لبة الآخر. وحكى أبو زيدٍ: داره تلب دار فلانٍ أي تقابلها. واالبغاث: صغار الطير ومالا يصيد منها، وقال بعضهم: البغاث ضرب من الطير أعظم من الرخمة.
رجع: ما خضبت في طاعتك سبيب فرسٍ ولا كنت ذا عضبٍ يسب الأعضاء فيك، قد كشفت السب في معصيتك فصرت كسبيبة الميت. واي أسباب الخير علقت به وجدته على ذا التياث. غاية.
تفسير: يسب الأعضاء: يقطعها. وسبيب الفرس هاهنا: ناصيته؛ ومنه قول عبيدٍ:
ينشق عن وجهه السبيب
والسب: الخمار. وسبية الميت: شقة مستطيلة.
رجع: صب أيها الرجل إلى ذكر الله تصب، وأصبب فيه دموعك ولو أنها كماء الصبيب، ولا يدركنك القدر وأنت من ذنبك في صبوبٍ؛ فلو كان القبر قلبيًا ما أستقى منه بحبلٍ أنكاثٍ. غاية.
تفسير: صب: من قولهم فلان صب بكذ وكذا. والصبيب: ضرب من النبت طيب الرائحة وله ماء أحمر؛ وفي حديث عقبة بن عامرٍ أنه كان يختضب بالصبيب. وقال بعضهم: الصبيب: ماء ورق السمسم؛ وقال علقمة:
فأوردتها ماءً كأن حمامة ... من الأجن حناء معًا وصبيب
والحبل الأنكاث: الذي قد حل فتله.
رجع: أعجبتك يا نفس الدعة، يا مغرورة يا منخدعة، لو مستك المقدعة، لعلمت أنها مردعة، أخاف أن تخطفك المختطفة، وأنت على حالك نطفة، فهل أنت إلى التقووى منعطفة! كم أجتذبك وأستخيرك، وقد بعد منك خيرك، لقد قرب أخيرك، أتقديمك أو جب أم تأخيرك، مالك تهابين حجن السدر وتركبين الأسنة بلإ اكتراثٍ! . غاية.
تفسير: المقدعة: عصًا تكف بها الإبل وغيرها. والنطف: الفاسد القلب. وأستخبرك: أستعطفك؛ وأصله من أستخار الخشف أمه إذا خار لها لتسمع خواره فتخور؛ ومنه قول حميد بن ثورٍ:
1 / 65