تفسير: الألف تنقسم قسمين: إما أن تكون متوسطةً، وإما منتهى؛ فالتوسطة مثل ألف قائم وقام وما جرى هذا المجرى. والمنتهى مثل ألف قضى وحبلى، فهذه قسمة صحيحة. والألف لا يجوز أن يبتدأ بها لأن المبتدأ به لا يكون إلا متحركًا، والألف لا تكون إلا ساكنةً. وتنقسم الألف قسمة أخرى وهي أن الألف لا تخلو من أحدٍ وجهين، إما أن تكون زائدةً أو منقلبةً. فالزائدة مثل ألف حبلى وحبر كى. والمنقلبة تنقسم قسمين: إما أن تكون متوسطة وإما أن تكون طرفًا. فالمتوسطة مثل ألف قام وباع انقلبت من الوارو والياء لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، والأصل قوم وبيع. والطرف مثل ألف قضى وغزا، والأصل قضي وغزو مثل ضرب. ولكن الياء والواو إذا وقعتا طرفين وقبلهما فتحة قلبتا ألفًا. والألف الزائدة تنقسم قسمين: إما أن تكون للمعنى كألف التأنيث وألف التثنية وألف ضاربٍ وما كان مثله لأنها زيدت لتفرق بين الفعل الماضي واسم الفاعل؛ إذ كان الفعل الماضي يقع كثيرًا على فعل نحو حنث وفرق؛ وإما أن تكون زائدةً لغير معنى كألف خاتمٍ فيمن فتح التاء. وتقع الألف رويا في الشعر المقيد، وإذا كانت القصيدة كذلك سماها الناس في هذا العصر مقصورة كقول أبى النجم:
دعوت والأهواء يدعوها الهوى ... والعيس بالقوم يجاذ بن البرى
ريا وقد شطت برياك النوى وإذا كانت الألف رويًا لم يجز إطلاق ذلك الشعر أبدًا، لأنه لوأطلق تحركت، وليس كذلك غيرها من الحروف؛ لأن الشعر إذا كان يحتمل التقييد والإطلاق في أصل الوزن جاز فيه ذلك من أي الحروف كان رويه، إلا الألف، ما لم يكن ثم مانع من تخفيف مشددٍ أو نحوه كقول الراجز: أضربهم باليابس ضرب غلامٍ عابس من الحياة يائس إن شئت قيدت وإن شئت أطلقت. وكذلك قول أبي النجم:
الحمد لله الوهوب المجزل ... أعطى فلم يبخل ولم يبخل
وتخفيف المشدد الذي يمنع من الإطلاق كقوله:
أو دى الشرور بالهم ... أن غلب ابن قلهم
تخفيف الميم في الهم يمنع من جواز الإطلاق؛ لأنه يغير المعنى. والوصل الحرف الذي يكون بعد الروى لاصقًا به، وقد مر ذكره. والخروج بعد الهاء مثل قوله: عرف الديار توهمًا فاعتادها وقد مر ذكره وذكر ما بعده. وتأسف أنها لا تستأنف: أي لا يبتدأ بها.
رجع: الحمد الله الذي أنعم فأغفلت الشكر، وأحسن فأسأت، وأمهل زمانًا فما أنجمت، حمدًا يوفي على كل عددٍ جال في ضميرٍ، ونطق به ناطق وأشار إليه مشير، وما سوى ذلك من العددٍ الذي علمه مرسل السنة وكاشف السنوات. غاية.
الله العالم! لو كنت حازمًا لما عرضت سوامي للغارة، وميتي للضبع، ونقدى للسرحان؛ لكن جهلت فجعلت فرضى عرضةً للضباب، وألقيت الوبي، فأعتمدت على كفٍ غير شثنة البنان، وألقيت الحذاء فباشرت السلاء بأخمصي وتقلدت بصل الرمال، وعلقت الشبوات مكان الشنوف، وذلك مثل من ظلم نفسه، فالله أستوهب ما أقترفه من السيئات. غاية.
تفسير: الفرض: ضرب من التمر، ويقال إن الضب مولع بحب التمر، وقالوا في المثل: الضب يخدع بالتمر؛ وأنشد:
ولكنكم دربتم فجريتم ... على عادةٍ والضب يخدع بالتمر
والوبيل هاهنا: العصا، وفي غير هذا الموضع الحزمة من الحطب. وشثنة البنان: خشنة البنان. والسلاء: الشوك. والشبوات: جمع شبوة وهي العقرب الصغيرة، وأكثر النحو يين لا يصرفها، وبعضهم يصرفها، ويدخل عليها الألف واللام.
رجع: لله المن والطول، شاهدًا ما غاب ولن يغيب، وقديمًا ليس لا بتدائه وجود، تقاصر لأوليته طوال الأعمار، وكالأخيلة إذا حدثتك عنها النظرة كذبتها الثانية، عنده أعمار النسرين: واقعهما الذي ما طار وطائرهما الذي لم يقع؛ ولا أذكر ذوات الأجنحة والقوادم؛ وتفرد بالملك الله. ما بيت يأتلق فيه الياقوت وللزرياب حواليه شعاع، يسكنه ظالم جبار يسفك الدم ويسفح دموع الباكيات، ويشرب كاسات الرحيق، فاذا انتشى درج نملي صوارمه بمدارج الأرواح، وله حشم كسمر تهامة، بأعز عند الله من الجعدبة ولا ساكنه بأشرف لديه من ناسجة الغبار، سيان عند الخالق ليث الغاب والليث صائد الخرشات؛ فيا ويح جائرٍ إذا حكم عاتٍ. غاية.
تفسير: الزرياب. ماء الذهب، ويقال صبغ يقع فيه ماء الذهب؛ ومنه قول ابن قيس الرقيات:
كأنها دمية مصورة ... ميع عليها الزرياب والورق
1 / 28