فصل
قد عرفت فِيمَا أسلفناه أَن تلقي النَّاس للقاموس سلفا عَن خلف وَترك مَا عداهُ من كتب اللُّغَة تَقْلِيد لَا يَلِيق بِنَبِيِّهِ
وَالَّذِي يحسن بِمن أَرَادَ اللُّغَة أَن يشْتَغل بالصحاح وتكملته للصغاني فَإِن فيهمَا من اللُّغَة أَكثر مِمَّا فِي الْقَامُوس بِعِبَارَة وَاضِحَة وشواهد غَرِيبَة يُمَيّز بهَا غير الْمُقَلّد صَحِيح الْأَقْوَال عَن ضعيفها
وَيضم إِلَى ذَلِك من المختصرات مثل فقه اللُّغَة للثعالبي أَو كِفَايَة المتحفظ أَو نظمها فَإِن هَذِه المختصرات تجمع فِي الْبَاب الْوَاحِد مَا هُوَ مفرق فِي المطولات لِأَن المطولات مرتبَة على حُرُوف المعجم بِحَيْثُ يتَعَذَّر أَو يتعسر اسْتِخْرَاج جَمِيع ذَلِك الْبَاب أَو أَكْثَره من المطولات نَحْو أَن تُرِيدُ أَسمَاء أَجزَاء الرمْح جَمِيعهَا فَإنَّك تَجدهُ فِي بَاب وَاحِد من نظم الْكِفَايَة قَالَ
(والثعلب الدَّاخِل فِي السنان ... من الرماح يَا أَخا الْبَيَان)
(من تَحْتَهُ إِلَى ذراعين وقف ... قل عَامل فَرد عوامل وصف)
(عالية مرد إِلَى المنتصف ... وَالْجمع من ذَاك عَوَالٍ فاعرف)
(وَلَيْسَ بعد النّصْف إِلَّا السافله ... إِلَى انْتِهَاء الزج فاشكر قَائِله)
وَبعد ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يسْتَغْنى عَن الْقَامُوس لما فِيهِ من الزِّيَادَات النفيسة الَّتِي لَا تُوجد فِي سواهُ مِنْهَا ذكر رجال الحَدِيث وَغَيرهم مَعَ ضبطهم
وَمِنْهَا تَخْلِيص الْوَاو من الْيَاء وَمِنْهَا زيادات لَا تُوجد فِي الصِّحَاح وتكملته وَإِن كَانَت يسيرَة كدارات الْعَرَب
هَذَا وَلَا بُد لَهُ فِي غَرِيب الْكتاب وَالسّنة من مجمع الْبحار فَإِنَّهُ أنفس كتاب ألف فِي بَابه وَأما مَا يَظُنّهُ النَّاس من أَن الْقَامُوس وَالنِّهَايَة
1 / 52