وقال الهادي إلى الحق صلوات الله عليه: ثم يكون الربح بينهما على ما اصطلحا عليه، وتكون الوضيعة على رأس المال خاصا، ولا يكون للمضارب أن يخلط مال المضاربة في ماله ولا أن يدفعه إلى غيره مضاربة ولا يسلف من عين هذا المال أحدا شيئا، فإن كان صاحب المال قال افعل فيه برأيك وافعل فيه ما أحببت جاز له فيه كل فعل إلا الإسلاف له أو أن يأخذ به سفتجه إلا أن يأذن له في هذين المعنيين بعينهما رب المال فيجوز له، فإذا تجر بالمال المضارب في المصر، فما أنفق من نفقة على نفسه فهي من ماله، وما أنفق على التجارة من نفقة فهي من الربح إن ربحا ربحا فإن لم يربح فما أنفق على المال فهو من رأس المال.
قال: فإن اشترط أحدهما أن له من الربح كذا وكذا درهما وللآخر ما بقي كان هذا شرطا فاسدا لا يجوز؛ لأنه غرر على صاحب الفضلة؛ لأن المال ربما لم يخرج فيه من الربح إلا تلك الدراهم بعينها فيأخذها الذي شرطها له ويبقى الآخر لا فضلة له ولا ربح، وهذا غرر فاسد لا يجوز؛ لأنه قد سمى لأحدهما دراهم موزونة معدودة ولم يسم للآخر شيئا محدودا معدودا.
قال: وإن قالا وشرطا بينهما أن لأحدهما من الربح ربعه أو عشره أو نصف عشره أو ثمن عشره أو أقل أو أكثر بعد أن يكون جزءا من الربح يسمى منه ويكون بعضه فإن ذلك جائز لهما؛ لأنهما لا محالة كلاهما يأخذ من الربح شيئا ولو كان الربح درهما واحدا؛ لأنه إنما شرط للمشروط له جزءا من الربح ولم يشترط له دراهم مسماة، فالضرر والمنفعة يدخلان عليهما كلاهما وليس أحدهما في ذلك بأسعد من الآخر ولا بأشقى.
Página 137