Fiqh al-Sunnah
صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة
Editorial
المكتبة التوفيقية
Ubicación del editor
القاهرة - مصر
Géneros
ولذلك فإن كل آية وكل حديث قد خالفا قوله فلا شك عندهم أن ذلك الإمام اطلع على تلك الآية وعلم معناها، وعلى ذلك الحديث وعلم معناه. وأنه ما ترك العمل بهما إلا لأنه اطلع على ما هو أقوى منهما وأرجح.
ولذلك يجب تقديم ذلك الأرجح الذي تخيلوه شيئًا من الوحي الموجود بين أيديهم.
وهذا الظن كذلك باطل بلا شك.
والأئمة كلهم معترفون بأنهم ما أحاطوا بجميع نصوص الوحي، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله.
ومِن أصرح ذلك أن الإمام مالكًا- ﵀ إمام دار الهجرة المجمع على علمه وفضله وجلالته، لما أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بما جمعه في موطئه لم يقبل ذلك من أبى جعفر ورده عليه. وأخبره أن أصحاب رسول الله ﷺ تفرقوا في أقطار الدنيا، كلهم عنده علم ليس عند الآخر.
ولم يُجمع الحديث جمعًا تامًا بحيث أمكن جمع جميع السنة إلا بعد الأئمة الأربعة.
لأن أصحاب رسول الله ﷺ الذين تفرقوا في أقطار الدنيا روى عنهم كثير من ألأحاديث لم يكن عند غيرهم، ولم يتيسر الاطلاع عليه إلا بعد أزمان.
وكثرة علم العالم لا تستلزم اطلاعه على جميع النصوص.
فهذا عمر بن الخطاب ﵁ وهو عجز عن أن يفهم معنى الكلالة حتى مات ﵁.
وقد سأل النبي ﷺ عنها كثيرًا فبينها له ولم يفهم.
فقد ثبت عنه ﵁ أنه قال: ما سألت رسول الله ﷺ عن أكثر مما سألته عن الكلالة، حتى طعن بأصبعه في صدري، وقال: «يكفيك آية الصيف في آخر سورة النساء».
فهذا من أوضح البيان، لأن مراد النبي ﷺ بآية الصيف ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ
1 / 47