En tiempos de ocio
في أوقات الفراغ: مجموعة رسائل أدبية تاريخية أخلاقية فلسفية
Géneros
فأقفل الباب وأخذني إلى غرفته وأجلسني إلى جانبه، وجعل يلاطفني حتى هدأ روعي فرفعت رأسي أنظر إليه فإذا عيناه هو الآخر مغرورقتان بالدموع، وأردت أن أقوم فإذا هو ممسك بيدي مسكة لا أنسى أثرها ساعة أحسست بها حتى أموت.
قصصت عليه قصتي؛ فجعل يهدئ من نفسي ويقول لي: إن ذلك الشخص الذي يريده أبواي متى تزوج صار شخصا عاقلا. لكني لم أقتنع، ورأيت من عينيه أنه يقول غير ما في قلبه.
تعددت مقابلاتنا بعد ذلك، وكل مرة أبث له ويبث لي من كامن ما في نفسينا حتى جاءت الساعة التي صار زواجي فيها بهذا الشخص أمرا محتوما. هنالك انهدمت صروح نفسي، ورحت لعبد العزيز أكرر له الشكوى ، وأبكي بكاء الطفل؛ فضمني إلى صدره وقال: هل تقبلين يا عائشة أن تكوني زوجا لي؟
وما كاد ينطق بكلمته حتى تركت نفسي بين يديه ولا أدري بأي لسان أشكره. وتركت له من تلك الساعة تصريف عناني.
وكنت أعتقد أن الزواج الرسمي بالمأذون والشهود كل قيمته أنه يذيع أمر الصلة بين شخصين صلة صمما إذاعتها فيما بعد؛ لذلك عددت نفسي من تلك الساعة زوجا لعبد العزيز، وأضفت إلى حبي الأول حبا جديدا، وأسلمته حياتي وحريتي وشرفي، كما اعتقدت أني أخذت منه مقدار ما أعطيته من نفسي. وجاهدت بعد ذلك حتى أنزلت أبوي عن رأيهما، وطلبت إليه أن نعلن صلتنا للناس فنقيم عقد الزواج.
سافر فأخبر أبويه بما يريد. وأراد أن يقنعهما فوقفا في وجهه وأبيا عليه غرضه. فلما رجع إلي وبلغني ذلك قلت له: إنني يا عبد العزيز راضية أن أكون معك في أي عيش ترضاه. أنا زوجك وأنت زوجي؛ فإذا لم يقبل أبواك ذلك فإنا نعلنه بالرغم من كل شيء أو نبقيه حتى يرضيا. ثم تركته بعد ذلك يفكر في أمره.
لكن ما هدده به أبواه من اجتنابه والانفصال عنه أخافه وراعه. ورأيته ابتدأ يتردد في أن نتم هذا العقد. وكلما تعاقبت الأيام ظهر عليه أثر التصميم على ذلك، وإن بان لي من نحوله وتعبه أنه يجاهد نفسه. وفي اليوم الذي تيقنت فيه أني حامل جاءتني منه ورقة يخبرني فيها أنه مع شديد الأسف مضطر لقطع كل علائقه معي.
هنا ضاع رشدي وفقدت صوابي. تلفت حولي فإذا الجمعية بقوانينها تركتني أنوء تحت أحمال العار والألم، في حين يتمتع شريكي بحريته وشرفه. وهذا الموجود الحي الذي أحمله في أحشائي سيخرج يوما على الأرض فلا يعرف الناس له أبا. وحيث سرت يرمقني أمثاله بعين الاحتقار والامتهان.
لم أجرم في كل ما عملت ولم آت ذنبا. ومع براءتي سبب لي عبد العزيز كل هذه المصائب.
حينذاك انقلب كل حب في نفسي له بغضا، وصممت على الانتقام بعزيمة صممت بها من قبل على أن أعيش معه. وبعد هذا التصميم بأسبوع قتلته. وإنما انتقمت في شخصه من جمود الآباء.
Página desconocida