Fawatih Rahmut
فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت
Géneros
(52) تعظيمه كان حسنا بنفسه وبحسنه حسن هذا الصنع من الدعاء وربما يورد أن تعذيب الكفار والقتال معهم لا قبح فيه بل يجوز كونه حسنا بالذات وأى الدليل على خلافه نعم مطلق التعذيب لا حسن فيه لكنه غير الجهاد وكذا صلاة الجنازة ذكر الله تعالى وعبادة له مع الدعاء فيجوز أن يكون حسنه بالذات وليس شبها بعبادة غير الله تعالى كما في الحج نعم الكفر وإسلام الميت وسائط في الثبوت كالبيت في الحج هذا والظاهر أن الجهاد لا يصلح أن يلحق بالأول ألا ترى أن القتال معهم يسقط بأدنى شبهة والحسن بالذات لا يسقط عن الذمة بالشبهات بل يجب معها للاحتياط كما لا يخفى على الناظر في الفقه وأما صلاة الجنازة فلما سقط بفعل البعض علمنا أن ليس المقصود اتعاب البدن بذكر الله بل قضاء حاجة الميت فيكون حسنها لأجله وبهذا يخرج الجواب عن الجهاد أيضا فتدبر وأنصف والثاني أن لا يتأذى هذا الغير بأداء هذا الحسن كالسعى إلى الجمعة فإنه حسن بحسن صلاة الجمعة ولا تتأدى بالسعى فقط وربما يمثل بالوضوء فإنه حسن بحسن الصلاة لأجل كونه شرطا وفيه شائبة من الخفاء فإن الوضوء بما هو طهارة حسن وإن كان له حسن آخر من جهة حسن مشروطة ألا ترى أن الشرع ندب الدوام على الطهارة والمندوب حسن وليس ندبها لإقامة الصلاة فإن من أوقات مندوبية الطهارة وقت الخطبة وسائر الأوقات المكروهة فتدبر وليعلم أن جميع المأمورات فيها حسن آخر ثبت بكونه مأمورا به ولا ينافى الحسن الثابت قبل الأمر فالإيمان مع كونه حسنا في نفسه حسن لكونه مأمورا به ولا تظنن أن هذا يؤل إلى مذهب الأشعرى من أن الحسن يثبت بالأمر فإنا نقول أن أداء مأمورا لله حسن في نفسه فإنه من قبيل شكر المنعم وأداء هذه العبادات من أفراد أداء المأمور به فيكون حسنه بحسنه لا أن الشرع جعله حسنا وكان إتيانها وإتيان المنهيات في أنفسهما متساويين أعاذنا الله تعالى عن هذا القول (وهكذا أقسام القبيح) فالقبيح قبيح لعينه لا يحتمل السقوط كقبح الشرك وسائر العقائد الباطلة والزنا أو يحتمل السقوط كأكل الميتة سقط قبحه في المخمصة وقبيح لغيره يتأدى بارتكاب هذا القبيح كصوم يوم العيد قبيح لأجل كونه إعراضا عن ضيافة الله تعالى وبارتكاب الصوم يرتكب الأعراض أو لا يتأدى كالبيع وقت النداء قبيح لإفضائه إلى فوات الجمعة وأما القبيح لغيره الذى يكون فيه واسطة في الثبوت مهدرة لم أر بيانه في كلام القوم وإن كان فمثاله الغصب فإنه إنما حرم لتعلق حق الغير لكن هذه الواسطة مهدرة فصار الغصب قبيحا بالذات (الأمر المطلق مجردا عن القرينة
(53)
هل للحسن لنفسه لا يقبل السقوط كما اختار شمس الأئمة) قال واقف أسرار الكتاب المبين قدس سره وأذاقنا الله تعالى ما أذاقه إن هذه النسبة غلط فإنه ليس في كلامه إلا أنه يدل على الحسن لنفسه وهو إلا ظهر كيف وعدم القبول للسقوط في بعض المأمورات أقل القليل فلا يجعل مبتادرا (أو) للحسن (لغيره كما) ذكر(في البديع) حكاية قول لا يدرى قائله (لثبوت الحسن في المأمور إقتضاء فيثبت الأدنى) الذى يكفى لدفع الضرورة وأما كونه لنفسه فلابد له من دليل زائد هذا وفي الأسرار لا أعلم خلافا في أن الأمر المطلق يدل على الحسن لنفسه والله أعلم بحقيقة الحال .
Página 82