(3) فيضه القويم وأتى الله تعالى بقلب سليم ولقد صنف فيها كتب شريفة وصحف أنيقة ودفاتر مبسوطة ومختصرات مضبوطة وكان كتاب المسلم من بينها مختصرا مؤسسا على قواعد المعقول واقعا في معارك الفحول وتلقى من بينها بالقبول حتى طارت به إلى الآفاق والقبول وكان يختلج في صدرى أن أشرحه شرحا يذلل الصعاب ويميز القشر عن اللباب بيد أنه كان يعوقنى عن ذلك ما شاهدت في الطلاب يطلبونه من تكاسل العزائم ومضاء عجزهم كأنه نيطت عليهم التمائم وأن رياض العلوم صارت ناضبة الماء ذاهبة الرواء ولم تبق أزهارها زاهرة وأنوارها باهرة وظهر الأقوام الذين اتخذوا العلم ظهريا وتصدى للرياسة الذين ظنوه شيئا فريا وغلبت الجهلة وهلكت الكملة حتى طارت بالعالمين العنقاء وبقى من ليس للعليل منهم شفاء ثم لما تأملت بإمعان النظر ووجهت عنان الفكر رأيته وسيلة يوم الجزاء عند من يجلس بين العالمين للقضاء فالمرجو من رحمته التى سبقت غضبه أن يدخلنى في بحار كرمه من عقبه والمأمول من الكرامة أن يعفو ما فرطت من الجهالة فأجمعت قصدى وبالغت جهدى إلى أن شرعت في المقصود بحيث لا يتجاوز الطريق المعهود سائلا ومتضرعا إلى الله تعالى أن يعصمنى عن الخطأ وأكون في أنجاز وعدى أصدق من القطا متشبثا بأذيال رسوله الكريم الذي فيضه عميم هو كاسمه محمد ومحمود لولاه لما ظهر من الله الجود بإفاضة الوجود على حقائق كل موجود وآله وأصحابه الذين هم خلفاؤه في إقامة الدين ولخلق إليه داعين وصلاة الله تعالى وسلامه عليه وعليهم أجمعين ومستمدا من الذين حازوا قصبات السبق في التحقيق وعلوا سموات التدقيق وتنوروا بالأنوار الألهية وتخلقوا بالأخلاق الربانية وسافرت أرواحهم فعرجت أفلاك العرفان وحصلت الحكمة الحقة من غير برهان وقاموا كل لحظة بين يدى الرحمن وتجلى الله تعالى عليهم باسم المنان قائلا .
Página 3