الحمد لله الذى خلق الإنسان بعد أن لم يكن شيئا مذكورا وهداه إلى ما تهيأ به صلاح معاشه ومعاده كما كان في الكتاب مسطورا وأغرقنا في بحار أفضاله وجوده وأنطق الموجودات بآيات وجوب وجوده لنستدل به على توحيد ذاته وجلالة صفاته ونؤمن به كما هو بأسمائه ونشكره على ما وهبنا من نعمائه ونحمده على ما أعطانا من آلائه ونثنى عليه الخير أعظم ثنائه ونشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه الله تعالى هاديا وبشيرا ونذيرا وداعيا للخلق إلى الرحمن بدرا منيرا ذلك النبي الذى خرق السبع السموات العلى ووصل إلى مكان سوى وعلم هناك علم اللوح والقلم وجاز مقاما لم يصل إليه لواحد من الأنبياء قدم ودنا إلى ربه الأعلى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فرأى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب نفس تمنت وحاز مكانة عالية على مكانة الأولين والآخرين وكان نبيا وآدم بين الماء والطين فيا ناظم الوجود ويا خالق الخير والجود ويا مالك الملك والملكوت ويا واهب الجبروت والناسوت صل عليه صلاة تغنيه وترضيه وعلى آله الذين وهبوا المنازل الشريفة والمقامات الرفيعة وأصحابه الذين حازوا السبق في نصرة الشريعة الغراء والحنيفية السمحة البيضاء الباذلين أنفسهم في سبيل الله لإعلاء الدين والإيمان وهدم بنيان الكفر والطغيان لا سيما الخلفاء الراشدين إلى الله داعين هم الذين عرجوا معارج الولاية والعرفان وبذلوا جهدهم لإعلاء كلمة الرحمن وعلى من تبعهم بإحسان الباذلين جهدهم في استنباط الأحكام والبالغين ذروة الكمال في تبيان الحلال والحرام وأفض على برحمتك العلوم الدقيقة والأعمال المرضية الشريفة وهب لى أكرم الإيمان ويوم لقائك عاملني بإحسان وصل على حبيبك وآله وأصحابه الكرام وأنزل عليه وعليهم السلام (أما بعد) فيقول العبد الضعيف المفتقر إلى رحمته القوية عبد العلى محمد بن نظام الدين من القبيلة الأنصارية عاملهما الله تعالى بإحسان وتجلى الرب عليهما يوم القيامة باسم الرحمن ان كمال أعيان الإنسان ومن هو أشرف موجودات الاعيان اكتحال عين بصيرته بكحل العلوم الحقيقية والتحلى بسره بالمعارف اليقينية وذا لا يحصل إلا باتباع الشريعة الغراء والإقتداء بالحنيفية السمحة البيضاء ولا يتأتي ذلك إلا بتكميل القوة النظرية بالإيمان والإسلام وتكميل القوة العملية بأعمال تهدى إلى دار السلام وإنما ذلك بمعرفة الأحكام الفرعية واستخراج القواعد الفقهية الشرعية ولا يتيسر السلوك في هذا الوادى إلا بالتزود بالمبادئ ومن بينها علم الأصول الجامع بين المعقول والمنقول أجا الفنون قدرا وأدق العلوم سرا عظيم الشأن باهر البرهان أكثرها للفضائل جمعا وفي تخريج الأحكام الألهية نفعا ويكون الرجل به في الأسرار الربانية بصيرا وعلى حل غوامض القرآن قديرا ولقد تصدى لتعاطيه جم غفير من العلماء ولم يظفر على حل مشكلاته إلا واحد بعد واحد من الأذكياء ولقيت أقدام أذهانهم السافرة نصبا وكلت مطايا عقولهم السارية تعبا ولم يصل إلى كنه أسراره إلا من غرق في بحار
Página 2