وسئل عمر عن قوم يشتهون المعاصي ولا يعملون بها، قال: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (١) [الحجرات: ٣] . وقد ترتاض النفس بعد ذلك وتألف التقوى حتى تتبدل طبيعتها وتكره ما كانت مائلة إليه وتصير (٢) التقوى لها طبيعة ثابتة. وهل هذا أفضل من الأول أم الأول أفضل؟
هذا وقد يخرج على اختلاف العلماء فيمن عمل طاعة ونفسه تأباها وهو يجاهدها، وآخر عملها ونفسه طائعة مختارة لها أيهما أفضل؟ وفيه قولان مشهوران للعلماء والصوفية. والأظهر: أن الثاني أفضل. وفي كلام الإمام أحمد ما يدل على خلافه. وفي " مسند الإمام أحمد ": حدثنا يحي بن سعيد، عن حميد عن أنس أن النبي ﷺ قال لرجل: " أسلم " قال: أجدني كارها قال: "، إن كنت كارها " (٣) وهذا يدل على صحة الإسلام مع نفور القلب عنه وكراهته له، لكن إذا دخل في الإسلام واعتاده وألفه: دخل حبه قلبه ووجد حلاوته. وخرج مسلم حديث أنس المتقدم، ولفظه: " ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه " (٤) .