Un capítulo en la historia de la revolución urabí
فصل في تاريخ الثورة العرابية
Géneros
كان مركز الجيش المصري على هضبة وراء خنادق الدفاع الأمامية، وهي خنادق ضعيفة أنشأها محمود فهمي على عجل، وقد أقيمت خيمة عرابي على بعد أربعة كيلو مترات من الخطوط الأمامية.
وكان لا يزيد جيش عرابي على اثني عشر ألفا من الجنود النظامية، وقد استدعى عرابي للقيادة علي باشا الروبي من دمياط فحضر قبل المعركة بيوم واحد، فلم يكن يعرف حقيقة الحال في الميدان؛ وكانت مدفعية الجيش تتألف من نحو سبعين مدفعا، أما الجيش الذي زحف به ولسلي فكان يتألف من ثلاثة عشر ألفا، وكان معه نحو ستين مدفعا.
وكان سعيد الطحاوي يلقي في روع عرابي أن الإنجليز لم يعدو العدة للزحف بعد، ثم يذهب إلى المعسكر الإنجليزي فيطلع ولسلي على كل ما يهمه معرفته، ويبسط يده لذهب الإنجليز ولا ينسى نصيبه من سلطان.
وفي اليوم الثاني عشر من سبتمبر أرسل علي يوسف خنفس من المقدمة إلى عرابي يقول: إن الإنجليز لن يتحركوا اليوم فركن الجيش إلى الراحة بأمر قواده ...
الخيانة كما رمزت إليها صحيفة فرنسية.
وفي مساء ذلك اليوم زحف ولسلي واختار الليل ليتقي حر النهار، وليكون الليل ستارا له في خطته القائمة على المباغتة، والتي هيأ نجاحها سعيد الطحاوي وعلي خنفس وتحرك الإنجليز في سكون، وقد شدد ولسلي التحذير وأمر بألا يرتفع صوت أو توقد نار إلا نار المعسكر الإنجليزي التي تركوها وراءهم؛ إيهاما للجيش المصري بأنهم لا يتحركون.
وتقدم جيش ولسلي مطمئنا لا يتهيب طلائع الجيش المصري، وفيم التهيب؟ لقد كان في مقدمة الطلائع عبد الرحمن حسن الذي اشتراه سلطان، وكان خنفس وراءه.
وكان عبد الرحمن يحرس الطريق الآتي إلى الصحراء من الشرق، فاتجه بفرقته إلى الشمال. وترك الجيش الإنجليزي يمر في أمن! ولن نجد في تاريخ الحروب أشنع من هذه الخيانة إلا خيانة خنفس الذي لم يكتف بأن ترك جيش العدو يمر، بل وضع له المصابيح على المسالك ليخترقها في يسر! وقد كان خنفس هو الذي أرسل خطة معركة القصاصين إلى الإنجليز.
وكان هجوم الإنجليز على نصف دائرة فأحاطوا بميمنة المصريين وميسرتهم، وتقدمت فرقة من المدفعية حتى صارت وراء خطوطهم، وفتكت بنادي الإنجليز ومدافعهم بالمصريين فتكا ذريعا، ولم تكن هذه معركة في الواقع فهي أشبه بأعمال القراصنة في الصحراء، ولقد فر أكثر الجنود مذعورين.
ولكن الميدان في هذه المحنة وفي هذه المباغتة التي تطيش فيها عقول الرجال، لم يخل من نفر من المصريين حفظوا شرف قومهم من الانهيار، فأثبتوا في مستنقع الموت أرجلهم، والهول محيط بهم، والموت يأتيهم من كل مكان، وهؤلاء البواسل هم الشهيد البطل محمد عبيد ثم أحمد بك فرج وعبد القادر بك عبد الصمد وحسن أفندي رضوان، وإن جلال عملهم ليمحوا من النفوس شيئا مما تركته فيها خيانة خنفس، ومن حذا حذوه، من الخزي والألم.
Página desconocida