ج - الكتاب ومنهج المؤلف:
إعراب القرآن عند القدامى يتعدى كونه تبيانًا لإعراب الكلمات من حيث مواقعها النحوية، وضبط أواخرها على ذلك، يتعدى كون هذه الكلمة مبتدأ وتلك خبرًا، أو كون هذا فاعلًا وذاك مفعولًا به، يتعدى كل ذلك إلى ذكر معاني الألفاظ، ووجوه تصريفها، ولغاتها، وما ورد فيها من قراءات ...
وعلى هذا نهج مؤلف هذا الكتاب ﵀، فالكتاب بحق يعتبر موسوعة لا في الإعراب فحسب، بل في المعاني، واللغات، والقراءات أيضًا:
أما الإعراب: فلم يقتصر فيه على مشكل القرآن كما فعل مكي، ولا على غريبه كما نهج ابن الأنباري، ولا على بعضه كما فعل العكبري، بل أعرب القرآن كاملًا، اللهم إلا المتكرر، أو المتشابه، أو ظاهر الإعراب.
وأما المعاني: فالإعراب أصلًا قائم على تبيان المعنى وتوضيحه، لذلك كان المؤلف ﵀ يقف على كل كلمة يراها غريبة، ليذكر معناها، ويورد اشتقاقها، ويبين وجوه تصريفها ومرادفاتها في اللغة، ويسهب في بعض الأحيان، ويوجز في بعضمها الآخر، ولأنه كان يخضع الإعراب للمعنى، ويهتم به، عَدَّتْهُ المكتبات التي احتوت على نسخه الخطية من كتب التفسير.
وأما القراءات: فقد اهتم بها المؤلف اهتمامًا كبيرًا، بحيث شغلت حيِّزًا كبيرًا من كتابه، وإيراده للقراءات إنما هو لتوجيه إعرابها، أو لإعراب وجه آخر تقتضيه اللفظة وقد قرئ به، وهو يقف مع القراءة المتواترة وينتصر لها، ويذكر الشاذة ويوجهها، ويعقبها في بعض الأحيان بقوله: ولا يجوز لأحد أن يقرأ بها؛ لأن القراءة سُنّة متبعة، يأخذها الخلف عن السلف.
وبالإضافة إلى كل ذلك، اشتمل الكتاب على بعض المباحث النحوية، والصرفية، واللغوية، والتي سوف تراها مبثوثة في ثناياه.
1 / 23