Discusiones en Filosofía de la Ética
مباحث في فلسفة الأخلاق
Géneros
على أنه لا يقول مع هذا باطراد وراثة الصفات المكتسبة، بل ولا غير المكتسبة؛ ولهذا نراه يقول أيضا: «إن السنن التي تخضع الوراثة لمؤثراتها مبهمة لدينا غالبا، ولا يتسنى لأحد أن يستجلي غامض ذلك السر الذي تورث به الصفات الخاصة في أفراد النوع الواحد في حين ولا تظهر موروثة في حين آخر.»
24
هذا، ولا يقتصر أنصار هذا الرأي على البحوث النظرية أو المشاهدات الخاصة، بل كثير منهم قام بتجارب متعددة لإثبات رأيهم على كثير من الحيوانات،
25
وقد يعزز نظريتهم ما تراه من أن الحيوانات التي تضطر إلى سكنى الكهوف ونحوها من الأماكن المظلمة، تتعدل أعضاؤها حسب بيئتها الجديدة، فيتغير كثير منها لعدم الاستعمال، وينشأ أولادها على غرارها الجديد. (ب)
هذا بعض ما يؤيد به أنصار وراثة الصفات المكتسبة رأيهم، أما المعارضون لهم فيقولون: نجد الصينيات يحاولن منذ قرون تصغير أقدامهن، ومع ذلك لم يظهر أثر لذلك في الأعقاب (الأبناء والأحفاد)، كما أن عادة الختان لا يظهر لها أثر في النسل رغم وجودها منذ أزمان طويلة بين اليهود والمسلمين، ومثلها عادة الوشم شائعة عند بعض القبائل بأفريقيا وغيرها منذ أزمان بعيدة، ولم نر طفلا ولد وقد ورث تلك الآثار. (ج)
والذي نراه حقا هو ما يراه العلامة «فيزمان»، وهو أن «الصفات المكتسبة لا تنتقل بالوراثة ما لم تؤثر في المادة الجرثومية وتحدث بها تغيرا»، وهذا إنما يكون إذا تسببت عن مؤثرات طبيعية تطاول بها الزمن، كسواد البشرة لطول الإقامة في المناطق الحارة. أما الصفات الناشئة عن عوارض فجائية كالعاهة التي سببها كسر عضو مثلا، فأثرها لا يعدو أن يكون سطحيا لا يستطيع أن يتغلغل حتى يصل لخلايا جرثومة الحياة. ولعل هذا الرأي يفسر لنا وراثة الصفات المكتسبة تارة وعدم وراثتها تارة أخرى.
وهذا الرأي لا يخالف رأي العلامة «ريبو»، وهو من أشهر علماء النفس الفرنسيين،
26
الذي يقول: «يمكننا أن نفهم بصفة عامة أن التشوه المسبب عن حوادث، وكذلك البتر وتحطيم الأعضاء فجاءة، كل ذلك لا ينتقل بالوراثة ...» إلى أن يقول: «يوجد نوع من التغييرات المتسببة عن فعل بطيء ذي أثر في الكائن كالغذاء والتربية، وإن تجارب المعلمين لتؤيد أن بعض الصفات المكتسبة تورث.»
Página desconocida