La filosofía inglesa en cien años (parte uno)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Géneros
Apologia pro Vita Sua » (1864).
والفكرة الرئيسية في فلسفة نيومان النظرية تتمثل في فعل «التصديق
Assent » العقلي، وفعل «الإدراك الواعي
Apprehension » السابق عليه، ويظهر مبدؤها الموجه في التمييز الأساسي بين الإدراك الواعي الحقيقي (أو الشيء)
real
والإدراك التصوري
Conceptual (وبين التصديق الحقيقي والتصوري)، وهو الذي يكون أساس كل مساهمة أصيلة لنيومان، سواء في ميدان نظرية المعرفة، أو في فلسفة الدين واللاهوت فيما بعد. ونستطيع أن نسمي هذه أيضا الحقيقة المجربة الأولى في فلسفته؛ إذ إن كل أفكاره تقريبا تنبع منها.
فما الذي يمكننا أن نفهمه من التقابل بين الإدراك «الحقيقي» والإدراك «التصوري»؟ إن الإدراك، بمعنى الموقف النفساني من أية واقعة معينة أو الاستجابة النفسانية لها، يحدث بدرجات مختلفة من القوة والشدة، تبعا لطبيعة المعطى الذي ندركه أو يدركنا، وتتوقف قوة الإدراك على القوة الكامنة في الموضوع والمنبثقة منه إلينا، على أن من الحقائق المقررة بالنسبة إلى الطبيعة البشرية أن الأشياء العينية تؤثر فينا بقوة تزيد كثيرا على تأثير الأفكار المجردة فينا، وأن ما هو موجود بالمعنى الأصيل، أي بمعنى أن له وجودا عينيا حقيقيا، ينطبع على ذهننا بعمق يزيد على عمق انطباع ما هو مستمد من الواقع، أعني كل ما هو مجرد أو تصوري. وهكذا فإن الإدراك الحقيقي أكثر فعالية من الإدراك التصوري، من حيث إن موضوعاته تنطبع علينا وتؤثر فينا بقوة تزيد كثرا على تأثير الصور التي هي موضوع الإدراك التصوري، وهناك تمييز مناظر لهذا بين «التصديق» الذي نقوم به بالنسبة إلى ما هو عيني حقيقي من جهة، وبالنسبة إلى ما هو تصوري من جهة أخرى.
وهناك تقابل آخر يدعم التقابل بين الإدراك الحقيقي والإدراك التصوري، هو التقابل بين المعرفة المباشرة والمعرفة غير المباشرة، فالأولى تحدث حدسيا في الخيال، وهو ملكة هامة للمعرفة يعزو نيومان إليها دورا في إدراك الحقائق لا يقل عن أهمية الدور الذي يعزوه إليها هيوم، وهي تحدث بصورة أكمل في الإدراك الحسي، سواء أكان خارجيا أم داخليا.
ففي الإدراك الحسي يعطى لنا الشيء ذاته، أو جزء أو وجه منه على الأقل، بصورة جسمية ملموسة، ويصبح الشيء مواجها لنا مباشرة بوصفه فردا عينيا، ويدعونا إلى أن نكمل تحققنا منه في تجربة حية، ولا يمكن أن يكون الإدراك الحسي والخيالي منفصلين تماما عن الواقع، ورغم ما بينهما من بون شاسع، فلا يمكن أن يكون الواقع بمنأى عنهما، وإنما يدخل الواقع مجال الإدراك الحسي بتوسط الصورة، فوظيفة الإدراك الحسي تخيلية
Página desconocida