فيه ذو ورع دون برهان واضح وبيان لائح لا يحتمل التوجيه ولا يقبل التجريح
فالجواب وبالله التوفيق أنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم وفضل الخطاب وأمر بالبيان لما أوحى اليه وقد أخبر في ذلك الحديث المتصل سنده بالعدول عن العدول بطائفتين من امته يركبون ثبج البحر غزاة وأحدة بعد وأحدة فسالته ام حرام ان يدعو ربه تعالى ان يجعلها منهم فأخبرها صلى الله عليه وسلم وخبره الحق بأنها من الأولين وهذا من اعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو إخباره بالشيء قبل كونه وصح البرهان على رسالته بذلك وكانت من الغزاة إلى قبرس وخرت عن بغلتها هناك فتوفيت رحمها الله تعالى وهي أول غزاة ركب فيها المسلمون البحر فثبت يقينا ان الغزاة إلى قبرس هم الأولون الذين بشر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانت ام حرام منهم كما أخبر صلوات الله تعالى وسلامه عليه ولا سبيل ان يظن به وقد أوتي ما أوتي من البلاغة والبيان أنه يذكر طائفتين قد سمى أحدهما أولى الا والتالية لها ثانية فهذا من باب الاضافة وتركيب العدد وهذا مقتضى طبيعة صناعة المنطق إذ لا تكون الأولى أولى الا لثانية ولا الثانية ثانية الا لأولى فلا سبيل إلى ذكر ثالث الا بعد ثان ضرورة وهو صلى الله عليه وسلم انما ذكر طائفتين وبشر بفئتين وسمى أحداهما الأولين فاقتضى ذلك بالقضاء الصدق آخرين والآخر من الأول هو الثاني الذي أخبر صلى الله عليه وسلم أنه خير القرون بعد قرنه أولى القرون بكل فضل بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه خير من كل قرن بعده ثم ركب البحر بعد ذلك أيام سليمان بن عبد الملك
Página 7