فإذا صنعت صنيعة فاعمل بها ... لله أو لذوى القرابة أو دع
فقال: هذان البيتان يبخّلان الناس، أمطر المعروف مطرا فإن أصاب الكرام كانوا له أهلا، وإن أصاب اللئام كنت أهلا لما صنعت. وقال معن بن زائدة:
ما أتانى رجل فى حاجة فرددته عنها إلا رأيت «١» الغنى فى قفاه. ويروى أن حكيم بن حزام قال: ما أصبحت ذا صباح قطّ فرأيت ببابى طالب حاجة، أو مستعينا بى على أمر قد ضاق به ذرعا إلا كان ذلك من النّعم التى أحمد الله عليها، وإن أصبحت ذا صباح ولم أر ذلك كان من المصائب التى أسأل الله الأجر عليها. وقيل لأبى عبد الله جعفر بن محمد ﵇: لم حرّم الله الربا؟ قال: لئلّا يتمانع الناس المعروف. وقال جعفر لسفيان الثورىّ: احفظ عنى ثلاثا، إذا صنعت معروفا فعجّله فإن تعجيله تهنئته، وإذا فعلته وهو كبير فصغّره فإن تصغيرك إياه أعظم له، وإذا فعلته فاستره فإذا ظهر من غيرك كان أكبر لقدره، وأحسن فى الناس.
وحدّثنى مسعود بن بشر قال:
كان الحجّاج على عتوّه وإسرافه على نفسه جوادا، وكان إذا ضحك واستغرب أتبع ذلك الاستغفار مرات. وكان يصعد المنبر ملتفعا بمطرفه فما يسمع من كلامه إذا ابتدأ فى الخطبة، ثم يتزيّد حتى يخرج يده عن مطرفه، ثم يصيح الصيحة يسمع بها أقصى من فى المسجد، وكان يطعم على ألف خوان جنبا مشويّا وسمكة طرية وثريدة، وكان له ساقيان أحدهما يسقى العسل والآخر يسقى الماء واللبن.
وكان يطاف به فى محفّة يدور على الموائد ويقول: يا أهل الشام مزّقوا «٢» الخبز فإنه لا يعدّ عليكم، وكان يجلس على كل مائدة عشرة رجال وذلك فى كلّ يوم، وكان
1 / 36