وفي مراسيل ابن أبي رباح عن النبي ﷺ قال: "الأبدال من الموالي".
خرجه الترمذي (١).
ومن أحسن ما ورد في وصفهم:
ما رواه ابن أبي الدُّنْيَا (٢) حدثنا أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس حدثنا عثمان (٣) بن مطيع، حدثنا سفيان بن عيينة قال: قال أبو الزناد: لما ذهبت النبوة وكانوا أوتاد الأرض، أخلف الله مكانهم أربعين رجلًا من أمة محمد ﷺ يقال لهم: الأبدال، لا يموت الرجل منهم حتى ينشئ الله مكانه آخر يخلفه، وهم أوتاد الأرض، قلوب ثلاثين منهم عَلَى مثل يقين إبراهيم ﵇ لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام، ولا بحسن التخشع، ولا بحسن الحلية، ولكن بصدق الورع، وحسن النية، وسلامة القلوب، والنصيحة لجميع المسلمين ابتغاء مرضاة الله، بصبر وخير، ولب حليم، وبتواضع في غير مذلة، واعلم أنهم لا يلعنون شيئًا، ولا [يزدرون] (٤) أحدًا فوقهم، ولا يتطاولون عَلَى أحد تحتهم، ولا يحقرون، ولا يحسدون، ليسوا بمتخشعين ولا متماوتين ولا معجبين ولا يحبون الدُّنْيَا، ليسوا اليوم في خشية وغدًا في غفلة.
وروى إبراهيم بن هانئ عن الإمام أحمد قال: إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال، فلا أدري من هم.
ومراده بأصحاب الحديث من حفظ الحديث وعلمه وعمل به، فإنَّه نص أيضًا عَلَى أن أهل الحديث من عمل بالحديث لا من اقتصر على طلبه.
ولا ريب أن من علم سنن النبي ﷺ وعمل بها وعلمها الناس فهو من خلفاء الرسل، وورثة الأنبياء، ولا أحدًا أحق بأن يكون من الأبدال منه، والله أعلم.
_________
(١) لم أقف عليه عند "الترمذي" وهو عند الآجري في "سؤالات أبي داود" (١٧٨).
(٢) في "الأولياء " برقم (٥٧).
(٣) في "الأصل": "أكثم" وما أثبته من "الأولياء" وانظر ترجمته في الجرح والتعديل (٦/ ١٧٠) برقم [٩٢٩].
(٤) في الأصل: "يزدون"، والمثبت هو الموافق للسياق.
3 / 220