شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Géneros
الأصل الأول: عموم علم الرب تعالى
الأصل الأول هو: الإيمان بعموم علم الرب ﷾، فإنه قد علم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
وهذا الأصل هو أشرف أصول القدر، وأخصها عند المسلمين، لأن سائر الأصول من بعده مبنية عليه، وكان السلف ﵏ يردون إلى هذا الأصل في مقام الرد على المخالفين، وقد دل على هذا الأصل العقل والفطرة والسمع، وهو المذكور في مثل قوله تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك:١٤] وفي مثل قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام:٥٩] إلى غير ذلك من النصوص القرآنية، الدالة على أن الله ﷾ بكل شيء عليم.
وأما الفطرة: فإن الله فطر الخلق على الإقرار بأنه الخالق، ومن لازم كونه خالقًا أن يكون عليمًا، فإنه ﷾ قال: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ)، ولهذا قال المصنف: (خلق الخلق بعلمه)، أي: أنه خلقهم عالمًا بهم، فما يكون من نجوى، وما يكون من هَمٍّ في نَفْسٍ، وما يكون من حركة إلى غير ذلك، فإن الله ﷾ قد علمها قبل كونها.
والإيمان بأصل علمه ﷾ مستقر عند جمهور بني آدم، ولم ينازع فيه إلا من أنكر الخالق ﷾، ولهذا قيل: (الإيمان بعموم علم الرب) لتتقرر بهذا مسألة وهي: أنه دخل في عموم علمه ﷾ علمه بأفعال العباد، وهذا هو المقصود من تقرير هذا الأصل في هذا الباب.
4 / 5