شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Géneros
ظهور الكلابية والأشعرية والماتريدية
ثم حدث أن جاء رجلان بعد القرون الثلاثة الفاضلة، هما: أبو الحسن الأشعري، وأبو منصور الماتريدي، وقد ظهرا في آخر زمن الإمام أحمد، وقبل هذين الرجلين رجل اسمه عبد الله بن سعيد بن كلاب، وهو من علماء الكلام، وكان من أشد الناس ردًا على المعتزلة، وانتحل مذهبًا ملفقًا من مذهب الأئمة ومذهب المعتزلة، ويزعم أنه توسط بجمعه بين ذلك، فكان يثبت أصول الصفات ويقول بقدمها ولكنه لا يثبت الصفات الفعلية، فمثلًا يقول: إن الله موصوف بصفة الكلام، وأنه معنى واحد أزلي لا يتعلق بالقدرة والمشيئة، وتبعًا لذلك لا يكون عنده بحرف ولا صوت مسموع.
ويقول: إن الله موصوف بالغضب، ولكنه واحد أزلي، وموصوف بالرضا، ولكنه واحد أزلي، وهكذا.
وقد انتحل رأيه أمثال الحارث بن أسد المحاسبي الصوفي، الناسك المعروف، صاحب كتاب (الرعاية)، وكتاب (فهم القرآن)، وقرر الحارث المحاسبي هذا المذهب الذي قاله ابن كلاب في كتابه (فهم القرآن)، وهو كتاب مطبوع.
ومنذ ذلك الوقت صار ما قرره ابن كلاب يضاف إلى أهل السنة؛ ولهذا نجد أن الحارث المحاسبي في الصفات الفعلية يقول: إن لأهل السنة فيها قولين، فيجعل للأئمة قولًا، ويجعل ما قاله ابن كلاب هو القول الآخر، ثم يختار القول الذي قاله ابن كلاب، حتى ظهر الأشعري والماتريدي بعد الحارث بن أسد وابن كلاب.
3 / 6