شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Géneros
الدليل على تكفير الحسنات للكبائر
والدلائل النبوية صريحة في هذا، ففي حديث عمرو بن العاص الذي أخرجه مسلم وغيره من طريق عبد الرحمن بن شماسة المهري المصري عن عبد الله بن عمرو عن أبيه عمرو بن العاص، وفيه قول عمرو لما أتى النبي ﷺ ليبايعه على الإسلام، قال: (فبسط النبي ﷺ يده لأبايعه، قال: فقبضت يدي فقال: ما لك يا عمرو؟! قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت أشترط أن يغفر لي، أما علمت يا عمرو! أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبل) فتأمل قوله: (يهدم ما كان قبله) فإنه من سياق العموم، ولا شك أن هذا يمتنع معه أن يقال: إن الحج لا يمكن أن يكفر ما هو كبيرة.
ومثله قوله ﷺ: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم ..) وقوله: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ..)، ولا يمكن أن يجتمع السلف على أن من أتى هذا البيت فقام قيام السنة، واقتدى برسول الله ﷺ فما رفث ولا فسق وتعبد لله، ووجل قلبه، وأدى الأركان على سنة رسول الله ﷺ مع تمام الإخلاص وتمام المتابعة، ولكن عنده بعض الكبائر السالفة أن كبائره لا تغفر، فهذا تضييق لرحمة الله ﷾، ولا يمكن أن فقه السلف يقف مع هذا، والرسول ﷺ يقول: (رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
23 / 9