شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
Géneros
لهذا قال طائفة من المحققين من أهل السنة: إنَّ تأويل نصوص المعاد والبعث والقبر والصراط والجنة والنار ونحو ذلك - ما يحصل يعني في عرصات يوم القيامة وما يحصل في السماء- أسهل بكثير من تأويل آيات وأحاديث الرؤية؛ لأنها بلغت مبلغ التواتر وأُكِدَتْ بأنواعٍ من التأكيدات، وبُيِّنَتْ بأنواعٍ من البيان بما يقطع معه السامع أنَّ المراد بها ظاهرها على حقيقتها حتى عند قول من يجيز القول بالمجاز أو التأويل الذي ينحو إليه ألئك، فإنَّ هذه لا يمكن أن يجري عليها ما يجري على غيرها بقطع.
فإذن الحجة فيها قوية وقاطعة وإنما هو الهوى، نسأل الله ﷿ السلامة والعافية، ولكن يجب على المؤمن الموحد أن يعلم الأدلة ووجه الحجة حتى يدلي بحجته في تلك المسائل.
أما قول الأشاعرة في المسألة وهو أنهم قالوا يُرَى إدراكًا لا إلى جهة فإنه عجيب.
فإنَّ قول المعتزلة في نفي الرؤية أقرب إلى العقل من قول الأشاعرة - يعني إلى عقل وفهم السامع - خلافًا لقول الشارح إنَّ قول الأشاعرة أقرب إلى العقل من قول من نفى.
بل الحقيقة العكس:
من نَفَى الرؤية لأنه لا يثبت العلو قال ما دام أننا لا نثبت العلو فالرؤية لا يمكن أن تكون إلا إلى جهة.
الإنسان كيف يرى؟
لابد إلى جهة يراه، أما يرى شيئًا ليس أمامه ولا خلفه ولا عن يمينه ولا عن شماله وليس بأعلى منه ولا أسفل منه فكيف يراه؟ وأين يراه؟
لا شك أنَّ هذا العقل يرده.
ولهذا نقول قول الأشاعرة إنه يُرَى لا إلى جهة؛ يعني لا يُرَى في جهة العلو ويُرَى إدراكًا، فإنَّ هذا ولو كان إثباتًا للرؤية فهو غير مقبول عقلًا ولا مقبول سمعًا.
والواجب إثبات النصوص التي جاء فيها ذلك وإثبات ما دلت عليه من أنَّ الرؤية تكون على ما أخبر الله ﷿، وأنَّ الله سبحانه يطَّلع إلى أهل الجنة وأنه يكشف الحجاب فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى الرب ﷿، وأنه سبحانه مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته، وأنَّ عرش الرحمن فوق الجنة؛ يعني سقف الجنة، وهكذا في أدلة كثيرة.
فمن نفى علو الرحمن ﷿ وقال هو –سبحانه- في كل مكان، فكيف يُقْبَلُ إثباته للرؤية؟
لاشك أنَّ قول الأشاعرة عجيب وليس لهم حجة من جهة سمعية ولا من جهة عقلية، إلا شيئًا واحدًا وهو أنهم أبطلوا: نفي علو الله ﷿؛ وأنّه سبحانه في كل مكان وفرَّعُوا عليه أنَّ الرؤية لمَّا جاءت بها الأدلة قالوا يُرَى لا إلى جهة وهذا باطل.
1 / 138