وبعد؛ فإن أعظم التكاليف أجرا، وأربحها [ذ]خرا، وأفخمها قدرا، وأبهجها بدرا، وأعنقها زمرا، هو القيام لله تعالى حفظا لبيضة الإسلام، والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى كلاية للشرائع والأحكام، وحماية للمسلمين من إزهاق أرباب البدع المزلة، ورعاية للدين عن إزهاق أولي الشبه المضلة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم :«إن أحب الناس إلى الله وأدناهم منه مجلسا إمام عادل»(1)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إن عند كل بدعة تكون بعدي يكاد بها الإسلام وليا من أهل بيتي، يعلن الحق وينوره، فاعتبروا يا أولي الألباب»(2)، ولما كانت الإمامة أمرها خطر خطير، ومنظرها خضر نظير، اقتضى ذلك ذكر طرف من أحكامها، ونشر طرف من أعلامها، حسب تفاضل الأئمة فيها، وتفاوتهم في مراقيها.
إعلم أرشدك الله وإيانا: أن الإمامة درجات بعضها فوق بعض، ومنازل تتفاوت في الطول والعرض، والأئمة يتفاضلون حسب رقي تلك الدرجات الرفيعة، ويتفاوتون في الفضل بتفاوت تلك المنازل المنيعة، ومن ثم كان منهم المعصوم والسابق، ومنهم المقتصد البائع نفسه من الخالق.
Página 50