Duroos of Sheikh Khalid Al-Mosleh
دروس للشيخ خالد المصلح
Géneros
استجابة ابن عمر لوصية الرسول ﷺ
أيها الإخوة! إن صحابة رسول الله ﷺ تميزوا بميزة جعلتهم خير القرون، ألا وهي سرعة المبادرة والاستجابة لله ولرسوله، فكانوا ﵃ سباقون إلى امتثال أمر الله ورسوله، شواهد هذا في سيرتهم كثيرة، ولا أظن أننا نأتي على شيء منها إلا ما ذكر في هذا الحديث، فإن ابن عمر الذي أوصاه رسول الله ﷺ بهذه الوصية ذكر لنا الغاية في تحقيق الغربة، وتحصيل ما أمره به رسول الله ﷺ، ففي صحيح البخاري أنه بعد أن روى هذا الحديث قال موصيًا من يبلغه هذا الحديث: (فإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك)، هذه الكلمات من ابن عمر ﵁ ترجمة حرفية فعلية يبين فيها كيف تحقق وصية رسول الله ﷺ، وهي الغاية والمنتهى في قصر الأمل؛ لأن المسافر الذي هو عابر سبيل في الغالب قد يحتاج إلى الإقامة في مكان من الأماكن؛ ليستريح وينشط على سفره، لكن إقامته لا تدوم، بل إذا أصبح لا ينتظر المساء في المكان الذي أقام فيه، بل يمشي ويواصل السير، وكذلك إذا أمسى لا ينتظر الصباح، بل هو مسافر، ثم هو في سيره يغتنم أوقات عمره ونشاطه وقوته؛ لتحقيق غرضه ومقصوده، وهذا ما وجه إليه ابن عمر ﵁ في قوله: (خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك)، فإن كل أحد ميت، وكثير من الناس تنزل بهم الأمراض، فاجتهادهم في وقت النشاط في طاعة الله ﷿ يكتب لهم من الأجر مثله في حالة المرض، فإن الله من كرمه وواسع فضله وجوده وإحسانه وبره ورأفته ورحمته بعباده أنه يكتب للعامل الصادق في عمله إذا نزل به مرض أو سفر كما كان يعمل صحيحًا مقيمًا، كما في حديث أبي موسى في الصحيح، فينبغي للعبد أن يأخذ بهذه الوصية، فإنها من أسهل الوسائل والطرق التي يتحقق بها امتثال أمر رسول الله ﷺ لـ ابن عمر، وهو أمر لكل الأمة، ليس خاصًا بـ ابن عمر وحده: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
3 / 8