132

Doctrine of Monotheism in the Holy Quran

عقيدة التوحيد في القرآن الكريم

Editorial

مكتبة دار الزمان

Número de edición

الأولى ١٤٠٥هـ

Año de publicación

١٩٨٥م

Géneros

ويحسن بنا أن نختم الجواب عن هذه الشبهة بكلام لابن القيم حيث يقول في حديثه عن عجائب خلق الإنسان: "من أين للطبيعة هذا الاختلاف والفرق الحاصل في النوع الإنساني بين صورهم، فقلّ أن يرى اثنان متشابهان من كل وجه وذلك من أندر ما في العالم، بخلاف أصناف الحيوان كالنعم والوحوش والطير وسائر الدواب.. فمن الذي ميز بين صورهم وأصواتهم وفرق بينها بفروق لا تنالها العبارة ولا يدركها الوصف، فسل المعطِّل أهذا فعل الطبيعة؟ وهل في الطبيعة اقتضاء هذا الاختلاف والافتراق في النوع؟ وأين قول الطبائعيين أن فعلها متشابه لأنها واحدة في نفسها لا تفعل بإرادة ولا مشيئة فلا يمكن اختلاف أفعالها؟ فكيف يجمع المعطل بين هذا وهذا؟ فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور١. انتهى باختصار.

١ مفتاح دار السعادة ١/٢٦٧ وانظر كذلك ص ٢٦١ - ٢٦٢.

٢- دليل العناية: ويسمى دليل النظام أو التناسق؛ لأنه ينطلق بنا ضمن الآيات الكونية ليوصلنا إلى أن الذي نظم الكون وربط أجزاءه بحيث يكمل بعضها بعضًا وقدر كل شيء فيه تقديرًا، هو الله الواحد الأحد، ومن الآيات القرآنية التي ورد فيها دليل العناية قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ ١، وقوله تعالى: ﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ، وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ ٢، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا، وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا، وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ

١ سورة الأنبياء ٣١-٣٣. ٢ سورة الحجر ١٩-٢٢.

1 / 147