118

Doctrine of Monotheism in the Holy Quran

عقيدة التوحيد في القرآن الكريم

Editorial

مكتبة دار الزمان

Número de edición

الأولى ١٤٠٥هـ

Año de publicación

١٩٨٥م

Géneros

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: الشرك نوعان أكبر وأصغر فمن خلص منهما وجبت له الجنة ومن مات على الأكبر وجبت له النار، ومن خلص من الأكبر وحصل له بعض الأصغر مع حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة، فإن تلك الحسنات توحيد كثير مع يسير من الشرك الأصغر، ومن خلص من الشرك الأكبر ولكن كثر الأصغر حتى رجحت به سيئاته دخل النار"١.

١ انظر تيسير العزيز الحميد ص٧٥.

واما الحاجة للتوحيد في الدنيا: فأما بالنسبة للحياة العامة: فإن الحياة لا تستقيم ولا تصلح إلا على أساس الإيمان بالله الواحد وأنه المتصرف الوحيد في هذا الكون، ثم العبودية الكاملة لهذا الإله الواحد، لأن الأرض عندما يحكمها إله غير الله يتعبد الناس تفسد الحياة على ظهرها ويعمها الشر، ولذلك لما دمر الله فرعون علل ذلك بكونه مفسدًا فقال تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ ١، فاستعمل هنا كلمة المفسدين وهي مرادفة لكلمة الكفر والظلم؛ لأن الكفر والظلم أشنع الفساد في الأرض، لا لأنه يضر الله سبحانه، ولكن لأنه اعتداء على عقائد الناس وإفسادها حتى يسلس للطواغيت أن يتحكموا في رقاب العباد وتعبيدهم لهم من دون الله، كما حكى الله تعالى عن قول فرعون لموسى: ﴿لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ ٢. وليست الحياة على الأرض فقط متوقفةً على الوحدانية، بل الكون كله بما فيه ومن فيه لا يستقيم أمره إلا بإله واحد مدبر له: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ ٣.

١ سورة الأعراف آية ١٠٣. ٢ سورة الشعراء آية ٢٩. ٣ سورة الأنبياء آية ٢٢.

1 / 130