Estudios Filosóficos (Parte II): En la Filosofía Occidental Moderna y Contemporánea
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Géneros
أما فيما يتعلق بتدريس اللاهوت، فقد زاد الاهتمام بكلية اللاهوت، وزادت أهميتها، حتى طغت على كلية الآداب، وفاقتها في الأهمية. وفيها أيضا ظهرت الاتجاهات الجديدة في مواجهة التراث التقليدي السائد الذي بدأ يتزعزع. فمنذ القديس أوغسطين ومع أساتذة سان فيكتور، كان اللاهوت أوغسطينيا في جوهره، دون رفض جدل أرسطو ؛ إذ لم يقدم أرسطو إلى هذا اللاهوت إلا طرق العرض والشرح. ولم يكن لدى طلبة جامعة باريس وأساتذتها وخريجيها أي رغبة في تغيير هذا التراث الشائع، لدرجة أنه حتى الانتصار النهائي للتوماوية الأرسطية، كان أشهر الأساتذة، مثل: الإسكندر الهالي، والقديس بونافنتير، وأساقفة باريس (مثل: وليم الأوفرني، وأتين تجييه)، أوغسطينيين. وكانت عبقرية ألبير الكبير وتوما الأكويني وسبب انتصارهما النهائي التوفيق بين هذين التيارين المتعارضين في جامعة باريس. لقد أعطيا الشرعية لكل المضمون الوضعي الذي أثرى الفنون الحرة السبعة، وفي الوقت نفسه أعادا تنظيم اللاهوت القديم على أسس أكثر رسوخا مما كان عليه.
ومنذ أن بدأت جامعة باريس في تدريس اللاهوت لم تعد صاحبة الكلمة الأخيرة فيه، وخضعت لتشريع آخر أعلى من العقل الفردي والتراث المدرسي. ونظرا لأهميتها وازدياد عدد أساتذتها وطلابها من كل أرجاء العالم المسيحي أصبحت مشرعة للخطأ والصواب في مجال العقيدة لكل المسيحيين كما كان حال الأزهر في مصر. وهذا ما أدركه البابوات، وحاولوا الاستفادة منه في سياساتهم الجامعية؛ فلم تكن جامعة باريس في نظر إنوسنت الثالث أو جريجوار التاسع إلا أكثر الوسائل التي تمتلكها الكنيسة فاعلية لنشر الحقيقة الدينية في كل أرجاء العالم المسيحي أو أكثر الوسائل خطورة لدس السم القاتل في قلوب المسيحيين. كان إنوستت أول من أراد أن يجعل من هذه الجامعة راعية للحقيقة المسيحية كما تتصورها الكنيسة، وأن يحول مركز البحث هذا إلى هيئة لها هيكلها، ووظيفتها، ومكانتها، لتحقيق هذا الغرض، فالجامعة قوة روحية وخلقية، وليست فرنسية، أو باريسية، بل مسيحية كنسية، وجزءا من الكنيسة، كما كان كهنوت روما جزءا من الإمبراطورية الرومانية. والحقيقة أن التمسك بالجامعة كان تعويضا عن انهيار البابوية والإمبراطورية معا. وقد وضع إنوسنت الثالث بعض التشريعات لحماية الجامعة من الأخطار التي تتصورها الكنيسة؛ فمنع نائبه روبير دي كورسون
Ropbert de Courçon
عام 1215م من تدريس الفيزيقا والميتافيزيقا لأرسطو. كما أيد أونوريوس الثالث
Honorius III
استقرار الدومنيكان والفرنسيسكان في باريس، وأوصى بإدخالهما إلى الجامعة عام 1220م. وأدخل جريجوار التاسع الدراسات العلمية واللاهوتية في النظام الفرنسيسكاني، وأسس نظام «المساكين»
Mendiants
من أجل توظيف دراساتهم لخدمة اللاهوت، وهو العلم الذي يحمل الحقيقة المسيحية للعالم كله. لقد كان اللاهوت يسود كل العلوم، وله السلطان عليها، من أجل توجيهها التوجيه الصحيح، بعيدا عن الأخطاء التي يقع فيها بعض مدعي الفلسفة الذين يسنون البدع، ويتجاوزون الحدود التي وضعها آباء الكنيسة، ويدرسون الفلسفة الوثنية، ويعتبرونها وسيلة لتفسير الكتاب المقدس، وهو الكتاب الذي طواه الآباء، وأصبح من الكفر إعادة فتحه من جديد. فمن الطبيعي أن تسيطر الروح على الجسد، كما يسيطر اللاهوت على الفلسفة. ويذكرنا هذا بموقف بعض الفقهاء المسلمين من الفلسفة، مثل ابن الصلاح في فتواه المشهورة.
ولكن جامعة أكسفورد كانت أحسن حالا من جامعة باريس؛ فقد تم تأسيسها بعد أن منع الطلبة الإنكليز، لأسباب سياسية، من الذهاب إلى باريس. كان أساتذتها أيضا أوغسطينيين، ولهم ميل خاص إلى الأفلاطونية والرياضة والعلوم الوضعية في الفلسفة. ونظرا لانعزالها وعدم اهتمام البابوات بها لم تغزها الأرسطية التوماوية والاتجاه التقليدي في الفلسفة بسرعة، كما كان الحال في جامعة باريس. كان لأكسفورد طابعها الخاص وأصالتها بعيدا عن جدل أرسطو ومنطقه. وكان اهتمامها يرجع إلى أثر الفلسفة الإسلامية التي جعلت العلم جزءا منها، وليس مضادا لها. وكان التعامل مع اللاهوت يتم بطريقة أكثر حرية ومرونة دون أن يكون لها نفع مادي عاجل لصالح فريق دون فريق أو مؤسسة على مؤسسة أخرى. اهتمت أكسفورد بالعنصر التجريبي، وليس بالجانب الجدلي المنطقي الميتافيزيقي كما كان الحال في جامعة باريس. كانت أكسفورد تتبع العلوم الطبيعية عند الحسن بن الهيثم أكثر من تبعيتها لأرسطو. وكان اهتمامها مركزا على الرباعي: «الحساب، والهندسة، والموسيقى، والفلك»، أكثر من اهتمامها بالثلاثي: «النحو، والبلاغة، والمنطق» الذي كان سائدا في جامعة باريس؛ لذلك ظهرت التجربة عند وليم الأوكامي في القرن الرابع عشر لتهز التوماوية الأرسطية وليتحول التيار التجريبي إلى أحد العناصر المميزة للفلسفة الإنكليزية حتى الآن. وكان هناك منهجان سائدان للتدريس في كل جامعات العصر الوسيط: الدرس، والمناقشة؛ فالدرس محاضرة وشرح نص من أعمال أرسطو في كلية الفنون الحرة (الآداب)، أو نص من التوراة، أو من «حكم» بطرس اللومباردي في كلية اللاهوت. ومن الدرس والشرح خرجت معظم الأعمال الشارحة في العصر الوسيط محتوية على أصالة متخفية في ثنايا النص المشروح. أما المناقشة، فكانت نوعا من الجدل تحت إشراف أساتذة عديدين، يبدأ بإثارة المسألة، ثم إيراد الحلول المختلفة، بالاعتماد على الحجج والحجج المضادة. وبعد عدة أيام يقوم الأستاذ بجمع الحجج المؤيدة والمعارضة، ويعطي الحل. وكانت المناقشة في آخر كل أسبوع أو أسبوعين، ويختار الأستاذ الموضوعات، ومن هنا جاء هذا النوع من التأليف بعنوان: «المسائل المتنازع عليها»
Questions Disputae
Página desconocida