وقصة "هاروت وماروت" في هذا المعنى، خرّجها أحمد (١) من رواية ابن عمر مرفوعة، وقد تُكلّم فيها، وقيل: إنها مأخوذة عن كعب.
واعلم أن شرب الخمر فيه مفاسد في الدين وعقوبات في الآخرة.
أمَّا مفاسدها في الدين فمتعددة:
منها: نزع الإيمان: كما في "الصحيحين" (٢): «لًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» وتقدم قول عثمان: "لاَ يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ فِي صَدْرِ رَجلٍ، يُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ".
وقد جاء إطلاق الكفر والشرك عَلَى شرب الخمر، وتشبيه شاربه بعابد الوثن، ففي "النسائي" (٣) عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَعَلَهَا فِي بَطْنِهِ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ سَبْعًا، إِنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَافِرًا، فَإِنْ (أَذْهَبَ) (*) عَقْلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَافِرًا».
وروي موقوفًا ومرفوعًا عن عبد الله من وجوه شتَّى، والموقوف لعلّه أشبه.
وروى خيثمة عن عبد الله موقوفًا: «هِيَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، مَنْ شَرِبَهَا نَهَارًا ظَلَّ مُشْرِكًا، وَمَنْ شَرِبَهَا لَيْلًا بَاتَ مُشْرِكًا» وروي مرفوعًا ولا يصح.
وفي "المسند" (٤) عن ابن عباس مرفوعًا: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ» خرَّجه ابن حبّان في "صحيحه" (٥).
وفي حديث خرجه ابن الجوزي في "الواهيات" (٦): "شارب الخمر كالذي
_________
(١) في "المسند" (٢/ ١٣٤).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٧٢)، ومسلم (٥٧).
(٣) برقم (٥٦٦٩).
(*) أذهب: "نسخة".
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢٧٢).
(٥) برقم (٥٣٤٧/ إحسان).
(٦) برقم (١١١٥) وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله ﷺ. وانظر " الكامل" لابن عدي (٢/ ٧٠٣).
1 / 275